5 أنواع من البكتيريا ترتبط بسرطان البروستاتا الشرس

كشف الباحثين في جامعة إيست أنجليا عن وجود صلةٍ بين البكتيريا والأنواع الشرسة لسرطان البروستاتا، وحددوا خمسة أنواع من البكتريا وُجِدَت في عينات البول والأنسجة المأخوذة من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الشرس، ويأملون أن تساعد هذه النتائج في تمهيد الطريق للعلاجات التي يمكن أن تستهدف هذه الأنواع من البكتيريا وتبطئ أو تمنع تطور هذا المرض الشرس.
قال رئيس مشروع البحث البروفيسور كولين كوبر من كلية طب نورويتش في جامعة إيست أنجليا: “نعلم بالفعل عن بعض الارتباطات القوية بين العدوى البكتيرية والسرطان؛ مثلًا يمكن أن يؤدي وجود بكتيريا هيليكوباكتر بيلوري (Helicobacter pylori) في الجهاز الهضمي إلى قرحة المعدة وينتهي الأمر بسرطان المعدة، وبعض أنواع فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) يمكنها أن تسبب سرطان عنق الرحم؛ لذا أردنا معرفة ما إذا يمكن ربط وجود البكتيريا بدرجة نمو وانتشار سرطان البروستاتا“.
وقال الدكتور جيريمي كلارك أيضًا من كلية الطب في نورويتش في جامعة إيست أنجليا: “في حين أن سرطان البروستاتا مسؤول عن نسبة كبيرة من وفيات السرطان لدى الذكور؛ لكن الشائع أكثر أن الرجال يموتون به لا بسببه، وحتى الآن مازالنا لا نعلم إلا القليل عن الأسباب التي تجعل بعض أنواع سرطانات البروستاتا تصبح أكثر شراسة من غيرها؛ لكن لدينا الآن دليلًا على أن بعض أنواع البكتيريا متورطة في هذا الأمر وتشكل جزءًا من اللغز”.
عمل الفريق مع زملائه في مستشفى نورفولك ونورويتش الجامعي ومعهد كوادرام ومؤسسات أخرى، لتحليل عينات البول أو الأنسجة لأكثر من 600 شخص، سواءا كانوا أصحاء أو ممن يعانون سرطان البروستاتا؛ وقد طوروا طرقًا للعثور على البكتيريا المرتبطة بسرطان البروستاتا الشرس.
قالت الدكتورة راشيل هيرست المؤلف الأول لهذا العمل وأيضًا من كلية الطب في نورويتش في جامعة إيست أنجليا:
“استخدمنا عدة أساليب لتحديد البكتيريا، منها تسلسل الجينوم الكامل لعينات الأنسجة، وهي طريقة مستخدمة بكثرة خاصةً أننا ننتقل لعصر الطب الجيني.
عندما تتسلسل عينات الورم، فإن تسلسل الحمض النووي لأي بكتيريا موجودة بالعينة يترتب هو الآخر؛ مما يجعل اكتشافها ممكنًا، ووجدنا عدة أنواع من البكتيريا المرتبطة بسرطان البروستاتا الشرس، ومنها أنواع جديدة لم يُعثر عليها من قبل”.
سُمّيَ نوعان من أنواع البكتيريا الجديدة التي عثر عليها الفريق على اسم اثنين من ممولي الدراسة: الأول (بورفيروموناس بوباي – Porphyromonas bobii) على اسم صندوق بوب تشامبيون للسرطان، والثاني (فاربيكيلام بروستات كانسروكيا – Varibaculum prostate cancerukia) نسبة لمؤسسة سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة.
وتشمل مجموعة البكتيريا التي وجدها الفريق: البكتيريا الكروية اللاهوائية (Anaerococcus) – البيبتونيفيلوس (Peptoniphilus) – البورفيروموناس (Porphyromonas) – الفينولاريا ( Fenollaria) – الفيوسوباكتيريوم (Fusobacterium)، كلها أنواع من البكتيريا اللاهوائية؛ مما يعني أنها تحب أن تنمو في غياب الأكسجين.
وقالت الدكتورة هيرست: ” وجدنا أنه عندما توجد هذه البكتيريا اللاهوائية في عينات المريض فإنها ترتبط بإصابته بدرجة أشرس من سرطان البروستاتا وبتطور أسرع للمرض إلى درجة أكثر حدة، كما حددنا أيضًا الآليات البيولوجية المحتملة لكيفية ارتباط هذه البكتيريا بالسرطان”.
وأضافت: “مما لا نعرفه حتى الآن كيفية الإصابة بهذه البكتيريا، وما إذا كانت تسبب السرطان بذاتها، أو ما إذا كان ضعف المناعة هو ما يسمح بنموها؛ لكننا نأمل أن تؤدي نتائجنا وعملنا المستقبلي إلى خيارات علاجية جديدة يمكن أن تبطئ أو تمنع تطور سرطان البروستاتا، كما يمكن لعملنا أيضًا أن يضع الأسس لاختبارات جديدة تستخدم البكتيريا للتنبؤ بالعلاج الأكثر فعالية لكل رجل يعاني السرطان”.

كما وضح الفريق أن عديد من أنواع البكتيريا مفيدة لحياة الإنسان، وليس من السهل إزالة البكتيريا الضارة دون إزالة الحماية التي توفرها البكتيريا الجيدة.
قال البروفيسور دانيال بروير من كلية الطب في نورويتش في جامعة إيست أنجليا والعالم الزائر في معهد إيرلهام:
“إن معرفة متى يمكننا المشاهدة والانتظار فقط أو ما إذا كنا بحاجة لبدء العلاج يمثل تحديًا كبيرًا للأشخاص المصابين بسرطان البروستاتا، فإذا استطعنا استهداف المصابين بالمرحلة الشرسة مع تجنب العلاج غير الضروري للآخرين، فإنه سيحسن بصورة كبيرة الطريقة التي نتعامل بها مع المرض”.
وأضاف: “يبدو أن هناك صلة واضحة بين هذه البكتيريا والطريقة التي يتطور بها السرطان، لذلك نحن بحاجة إلى فهم هذه العلاقة بمزيد من التفصيل، لكنها خطوة كبيرة نحو تطوير اختبار رخيص وسريع يمكنه أن يساعد في توجيه قرارات العلاج”.
كما قال روبرت ميلز استشاري جراحة المسالك البولية في مستشفى نورفولك ونورتش الجامعي:
“أظهر هذا البحث وجود صلة محتملة بين سرطان البروستاتا الأكثر شراسة ووجود بكتيريا معينة في البروستاتا والبول، وليس من الواضح ما إذا كانت هي السبب في حدوثه أو تؤثر في تطوره فقط، وسيكون ذلك موضوعًا يستدعي المزيد من البحث “.
كما قال الأستاذ المساعد جون وين من معهد كوادرام: “هذا البحث يجسد نهج Norwich Research Park متعدد التخصصات لدراسة العدوى؛ إذ إن العلاقة بين النمو البكتيري والسرطان لا تكون دائمًا بصورة مباشرة، وقد سمح لنا العمل مع مجموعة السرطان في كلية الطب في نورويتش إثبات وجود صلة محتملة بين البكتيريا التي تعيش في البروستاتا والأنماط الحادة من سرطانها.
ومن خلال الجمع بين التحليل المُحوسب المتقدم لبيانات تسلسل الحمض النووي من بول المرضى مع فهم عميق لبيولوجيا السرطان والقدرة على تمييز أنواع جديدة من البكتيريا، تمكنا من إظهار ارتباط بين وجود العديد من البكتيريا وتطور سرطان البروستاتا إلى صورته الشرسة، مما يفتح لنا بابًا للمزيد من العمل لتحديد ما إذا كانت هناك علاقات سببية بين الميكروبات والسرطان”.