وهم سبق الرؤية أو ظاهرة ديجافو – الأنواع والأسباب العلمية

هل تعرضت عزيزي القارىء لأحد المواقف فشعرت بأنها ليست المرة الأولى, وأن هذا الموقف قد مر بك من قبل, أو بمعنى أدق هل اصبت سابقا بوهم سبق الرؤية أو ظاهرة ديجافو؟؟

(Déjà vu) كلمة فرنسية تعني (شوهد من قبل) أو تمت رؤيته مسبقا,وهى ظاهرة حيرت العلماء على مر العصور, وما بين التفسيرات العلمية والظواهر الخارقة للطبيعة يتأرجح هذا النوع من الأحاسيس.

ما هو وهم سبق الرؤية؟

وهم سبق الرؤية أو ديجافو هو ببساطة أن يمر الشخص بموقف لأول مرة, كأن يزور مكانا جديدا أو يرى شخصا ليس له به سابق معرفة, فيشعر حينها أنه قد رأى نفس المكان أو رأى نفس الشخص أو مر بنفس الموقف من قبل, ولكنه لا يتذكر على وجه التحديد أين ولا متى ولا كيف حدث هذا.

ويصاحب ذلك شعور بالرهبة والإستغراب ربما يؤثر على الشخص بالإضطراب الواضح أو يصيبه بحالة من الذهول, وقد وضعت على مر العصور عدة تفسيرات لوهم سبق الرؤية أو الديجافو.

أقرأ أيضاً: التهاب الأذن الوسطى – الأعراض والمضاعفات والعلاج

أنواع وهم سبق الرؤية

يقسم علماء النفس وهم سبق الرؤية إلى ثلاثة أنواع:

• déjà vécu: شوهد من قبل وهو ان يشعر الشخص بأنه رأى نفس المنظر سابقا.
• déjà senti: تم الإحساس به من قبل, وهو أن يشعر الشخص بأنه عاش نفس المشاعر من قبل.
• déjà visité: تمت زيارته من قبل, وهو أن يشعر الشخص بأنه زار نفس المكان من قبل.

وقد تقتصر الظاهرة على أحد تلك الأنواع الثلاثة, وقد يجتمع أكثر من نوع منها أو حتى جميعها لدى الشخص فى نفس الوقت.

أقرأ أيضاً: ما هو تحليل صورة الدم الكاملة؟ ولماذا يطلبه الطبيب؟

أسباب وتفسيرات ظاهرة ديجافو

ظاهرة ديجافو حيرت الناس منذ زمن بعيد مما دعا لمحاولة التوصل لتفسير لها, ومن أهم تفسيرات الظاهرة:

نظرية شذوذ الذاكرة

تفسر تلك النظرية ظاهرة ديجافو بأنها إضطراب فى الذاكرة يؤدى لتوهم المخ بأن المشهد الحديث تماما, مشهد قديم تم المرور به من قبل.

وعادة ما يكون ذلك بسبب تشابك الأعصاب المسؤولة عن الذاكرة طويلة وقصيرة المدى, بحيث يتوهم المخ أن المشهد الحديث قديم, أى يتم استيعابه من الذاكرة قصيرة المدى وليس من الذاكرة طويلة المدى.

نظرية فرق النظر

تفترض تلك النظرية أنه عندما تقع عينا الشخص على المشهد لأول مرة فإن إحدى العينين تراه وترسل إشارته إلى الدماغ قبل العين الأخرى, مما يجعل الدماغ يتوهم أن ذات المشهد يتكرر مرتين, ولكن لا يستطيع الشخص تذكر إلا المرة الثانية ويشعر أن الأولى كانت منذ زمن بعيد.

ولكن يعيب تلك النظرية أنها لا تفسر تداخل العناصر الأخرى كاللمس والسمع مع عنصر الرؤية, كما يعيبها أيضا أن الظاهرة تحدث لأشخاص لا يرون إلا بعين واحدة (عور).

نظرية ضعف التركيز

تفترض تلك النظرية أن المشهد أو الموقف الذى تحدث فيه ظاهرة الديجافو قد تمت رؤيته من الشخص بالفعل فى وقت سابق, ولكنه لم يركز عليه أو يعره اهتماما وقتها, ولكنه يتذكره عند تكراره ويشعر بأنه رآه من قبل ولكن لا يتذكر تفاصيل وظروف الرؤية السابقة لأنها لم يحطها اهتماما, ولكن المخ لا يسقط أية خبرة اكتسبناها أو شاهدناها حتى وإن نسيناها.

نظرية إضطراب وظائف الدماغ

تفسر تلك النظرية ظاهرة سبق الرؤية بإعتبارها إضطراب مؤقت فى وظائف المخ, حيث يعاني المخ من خلل كهربي مؤقت يشبه ما يحدث فى نوبات الصرع.

حيث يحدث تداخل مؤقت فى الإشارات الكهربية الصادرة من مركزي المخ المسؤولين عن كل من الذاكرة طويلة المدى وقصيرة المدى, حيث يصدران إشاراتهما معا فى ذات الوقت.

فيتصور الدماغ أن الحدث الحالي ذكرى قد حدثت بالفعل فى السابق, وفى المجمل لا يدعو هذا النوع من الخلل الدماغي إلى القلق طالما أنه لا يحدث بكل منتظم أو بشكل يومي.

أثر جانبي لبعض الأدوية

ثبت أن بعض الأدوية تزيد من اثر الدوبامين على بعض خلايا الفص الصدغي من الدماغ فتسبب زيادة ظاهرة وهم سبق الرؤية, حيث تم إثبات ذلك فى عام 2002 عندما زادت الظاهرة عند رجل قد تناول عقاري(أمانتادين) و(فينيل بروبنول أمين) لعلاج أعراض الأنفلونزا التى اصابته.

هل تدعو ظاهرة وهم سبق الرؤية لزيارة الطبيب؟

وهم سبق الرؤية ظاهرة تحدث لغالبية الأشخاص بدرجات متفاوتة, لدرجة أنه تقريبا لا يوجد من لم يمر بها على مدار حياته ولو لمرة واحدة.

ولا يدعو وهم سبق الرؤية للقلق, طالما لا تصاحبه أية أعراض أخرى كالنوبات أو الهلاوس السمعية أو البصرية, أو أعراض عضوية كالصداع وإضطراب الرؤية.

كما أنه طالما أن وهم سبق الرؤية لا يحدث بشكل منتظم أو بشكل يومي, فهو مجرد ظاهرة عابرة لا تدعو للقلق ولا ينبغي وضعها موضع الإهتمام وإن كانت فى وقت حدوثها تكون مدعاة للدهشة.