مفهوم التربية وأهدافها

التربية قبل التعليم ومعه وبعده، هي صمام أمان ضد ما نراه من غياب لأثر التعليم، قال جندب بن عبد الله : ”كنا مع النبي –صلّ الله عليه وسلم– ونحن فتيان حزاورة [من قارب البلوغ]، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، فازددنا به إيماناً“؛ صحيح ابن ماجه.
المقصود بالتربية
يختلف مفهوم التربية بإختلاف المناهج الفلسفية، التي تسلكها الجماعات الإنسانية. فقد ورد في تعريف التربية تعاريف متعددة منها:
- تغذية الجسم وتربيته بما يحتاج إليه من مأكل وملبس ومشرب، لينشأ قوياً قادراً علي مواجهة مصاعب الحياة.
- التربية تعني الرعاية والعناية في مراحل العمر المختلفة، من الولادة حتى الشباب.
- التربية هي الإصلاح والتدريب والتهذيب، حيث يبذل الأهل والمدرسة جهودًا كبيرة في رعاية الطفل، وإصلاح أحواله، وعدم إهماله.
- هي عملية تساعد على تشكيل عقل الفرد وخلقه، وتؤثر فى معرفته، واتجاهاته وسلوكه، كنتيجة للدراسة والتعليم المدرسي.
- التربية هي الوسيلة التي تساعد الإنسان على بقائه واستمراره، ببقاء قيمه وعاداته ونظمه السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والدينية.
ورغم اختلاف هذه التعاريف، إلا أنها جميعاً تقر بأن التربية عملية موجهة نحو هدف ينبغي بلوغه، هذا الهدف يهم المجموعة التي تقوم بالإشراف على العملية التربوية.
مفهوم التربية الإسلامية
يعرف علماء المسلمين التربية الإسلامية، بأنها المنهج الواضح الذي رسمه القرآن الكريم والسنة النبوية، وتكفل برعاية الإنسان من حيث البدن والروح، كما انها تحضير الإنسان للحياة في الدنيا والآخرة.
وإذا نظرت في القرآن الكريم والسنة النبوية، ستجد ان المولي عز وجل لم يترك أي مسألة إلا ولها جواب، وكل مشكلة إلا ولها حل، والناظر في سيرة الصحابة والتابعين يرى مدى حرصهم على تطبيق منهج القرآن والرسول في تربية النشء، كما أن الرسول –صلّ الله عليه وسلم– كان بينهم ويوجههم الي التربية الصحيحة، وبعد وفاة الرسول –صلّ الله عليه وسلم– سار الصحابة علي المنهج النبوي وكذلك التابعين، ساروا علي نهج الرسول والصحابة، فإذا استصعب عليك أمر في التربية إرجع إلى سيرة الصحابة ونماذج من تربيتهم لأبنائهم من هنا.
أهداف التربية
الهدف الأساسي من التربية هو جعل الإنسان إنساناً، أي جعله مخلوقاً انسانياً يعيش فى إطار مجتمعي، وإنما سمي الإنسان إنساناً من الأنس بمن حوله.
والتربية عملية تسهم وتشارك فى بقاء الفرد، فبقاء الفرد يؤثر في بقاء الجماعة.
كما أنها تحقق التوازن والتكامل فى السلوك البشري بما يراعي معظم جوانب الإنسان في مراحل نموه المختلفة، بما يراعي سمات كل مرحلة، وتعد المدرسة هي الميدان الأهم في التربية.
كما أن من أهداف التربية:
- تحقيق التوازن بين الأسرة والتزامات الحياة اليومية و انشغالاتها.
- اجتياز العقبات والأزمات ومواكبة تطور أفراد الأسرة مع تطور الزمن.
- تحقيق الرضا والقناعه عن حال الأسرة والعلاقة بين أفرادها.
مبادئ التربية
تقوم التربية على عدة مبادئ مهمة:
- تعتبر حجر الأساس في حياة الإنسان.
- تهتم بتوجيه الفرد للتمييز بين الصحيح والخطأ.
- تعد جزءاً من الثقافة الإنسانية، بسبب ارتباطها بالجنس البشري.
- ترتبط بالمؤسسات التربوية والمدارس، وتساعد المنزل في توجيه السلوك.
- وحدة الجنس البشري، فأصل البشر واحد ولا فرق بين الأجناس والألوان.
- تحقيق مبدأ المساواة العادلة بين البشر فإذا كان هناك تفاوت بين الناس لا ينبغي أن يكون سببه اللون.
- احترام حقوق الإنسان بصرف النظر عن جنسه ومعتقداته.
- حرية العقيدة والحوار من خلال احترام العقائد.
- التسامح والتعايش السلمي ونبذ العنف، فهي فرصة لإزالة الأحقاد من القلوب ونزع الضغائن من النفوس.

الفرق بين التربية والتعليم
- التربية بمعناها العام هي كل فعل يؤثر على الطابع التكويني للعقل أو قدرة الفرد الجسدية.
- التعليم هو العملية التي تنقل عمداً معرفة ومهارة وقيم وعادات المجتمع المتراكمة من جيل إلي آخر.
- التربية أشمل وأعم من التعليم لأنها تعني كل المؤثرات التي يعيش وسطها الفرد وتؤثر فيه، أما التعليم فإنه الجانب المتخصص من التربية، والذي يتصل بالتدريس وبموقف المعلم من التعليم، فالتعليم ينمي حث الأفراد على التعلم وينقل إليهم المهارات ويجعلهم أكثر وعياً بالمعلومات.
- التربية هى إيقاظ قوى المرء المختلفة الكامنة فى نفسه وترقيتها تدريجياً حتى تصل إلى أقصى ما يمكن أن تصل إليه، ويكون ذلك بعمل المتعلم نفسه، وكل تربية صحيحة هى تربية النفس بالنفس، أما التعليم فهو عبارة عن إيصال المعلومات المختلفة إلى الذهن عن طريق المعلم.
- التربية ذات غرض سام دائما، أما التعليم فقد يكون ذو غرض سام أو غرض غير سام.
- إن موقف الإنسان فى التربية هو مواقف إيجابية، أما التعليم فهو موقف سلبي، حيث ينقل المعلم خبرات ومعلومات ثابتة لا دخل له فيها.
- التربية تعد الإنسان للحياة جميعها، بينما التعليم يعد الإنسان لحرفة أو مهنة أو لشئ معين.
الفرق بين التربية والرعاية
كثيراً ما تظن الأمهات أن تحضير الطعام والشراب وشراء ملابس العيد هي تربية، وأنهم بذلك قاموا بتربية أبنائهم حق التربية . ولكن هناك خلط كبير بين مفهوم التربية ومفهوم الرعاية، توفير المأكل والمشرب والمسكن هذه تسمى رعاية، متابعتك لهم، و الاهتمام بمظهرهم الحسن، وحل الواجبات تسمي رعاية أيضاً وليست تربية.
فما التربية إذن؟
التربية تقوم على 5 أمور:
- بناء القناعات: وتشمل العقيدة – المبادئ – القيم – الطموحات – فهم الحياة.
- توجيه الاهتمامات: وتشمل ما يهتم به الأبناء وما يشغل وقت فراغهم، وكيف يقضي هذا الوقت فيما هو مفيد .
- تنمية المهارات: بأنواعها المختلفة رياضية، فنية، عقلية، اجتماعية، علمية.
- فهم قواعد العلاقات: من تصاحب؟ من تتجنب؟ وكيفية بناء العلاقات وإصلاحها أو إنهائها.
- إختيار القدوات: وهم المثل العليا الذين يتطلع إليهم ليصبح مثلهم، وكذلك فهم القوانين التي تحكم التعامل مع القدوات.
هذه الخمس تسمي تربية وغيرها يكون رعاية.
في النهاية، ليست التربية أفكاراً ونظريات تحفظ، أو حكماً وأمثالاً تستحضر؛ وإنما هي صياغة حياة إنسان وبناء قدراته وملكاته، وتوجيه سلوكه ليرتقي في مدارج الكمال.