مرض الجذام – كل ما تحتاج معرفته

مرض الجذام أو مرض هانسن مرض يمتد عبر تاريخ طويل جدا, وبرغم معرفته منذ قديم الزمن إلا أن الكثير من الناس لا يعلمون الكثير من المعلومات عنه.
لذلك سنتعرف من خلال هذا الموضوع عن المعلومات الأساسية حول المرض, وأعراضه وطرق التشخيص وكذلك احتمالات العدوى.
الجذام Leprosy
مرض الجذام الذى يعرف أيضا بمرض هانسن نسبة إلى مكتشفه الطبيب النرويجي هانسن الذى قام بإكتشاف الجرثومة المسببة للمرض ووصفه بوضوح فى عام1873.
مرض معدي يسببه نوع من البكتيريا يعرف بالمتفطرة الجذامية, تصيب الجهاز العصبي الطرفي البعيد عن الدماغ والحبل الشوكي(الأعصاب الطرفية), فتتسبب فى فقدان المريض للشعور بالحرارة والألم والضغط, مما يتسبب فى كثرة الإصابات التى تؤدى فى نهاية الأمر إلى تشوه الأطراف أو فقدانها تماما نتيجة تعدد الإصابات وموت الأعصاب.
كما يصيب أجزاء أخرى من الجسم كالعينين والجهاز التناسلي والعضلات.
أقرأ أيضاً: المكملات الهرمونية لتضخيم العضلات ومخاطرها
تاريخ مرض الجذام
عرف الجذام منذ عصور سحيقة, حيث عرفه قدماء المصريين ووصفوه بدقة فى مخطوطة يرجع تاريخها إلى عام 2000 ق.م, كما عرف فى الحضارات الصينية واليابانية قبل ميلاد المسيح ب1100 عام تقريبا.
حيث ذكر وصف المرض منذ العصور القديمة وفى الحضارات المختلفة بكونه مرض معدي يغير لون الجلد, ولهذا السبب يخلط بعض الناس إلى يومنا هذا ما بين الجذام وبين مرض البهاق الذى يتسبب فى فقدان الجلد للونه, لأن الجذام قد يسبب فقدان لون الجلد أو دكانة لون الجلد أيضا.
يرجح أن أول ظهور لمرض الجذام كان فى وسط إفريقيا, ثم امتد منه إلى وادى النيل ثم إلى وسط آسيا ثم إلى اليونان.
وتأخر دخول المرض إلى أوروبا حيث كانت منعزلة عن بقية القارات, حتى نقله إليها الجنود العائدون من الحروب الصليبية, ثم وصل لأمريكا بعد اكتشاف كريستوفر كولمبوس لها.
أما العرب فقد عرفوا المرض منذ عصور قديمة ووصفوا عدة اشكال له, وأول مجذمة(مستعمرة جذام) أنشأها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فى دمشق.
ويقدر عدد مرضى الجذام اليوم عالميا بأكثر من 12 مليون مصاب, ينتشرون فى بقاع العالم المختلفة.
أقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن الأمراض المناعية في الأطفال
عدوى الجذام
تحدث عدوى الجذام عندما تنتقل بكتيريا المتفطرة الجذامية المسببة للمرض إلى الشخص السليم, بسبب مخالطة وثيقة لمريض بالجذام, ومن طرق انتقال عدوى الجذام:
- إستنشاق بكتيريا الجذام المنتشرة فى الهواء عبر رذاذ المصابين وحاملي العدوى أثناء العطس أو السعال.
- ملامسة إفرازات المريض للجروح والقرح الجلدية.
ومن الجدير بالذكر أن المخالطة العادية للمصاب, كالجلوس بجانبه أو مصافحته أو استقلال وسائل المواصلات برفقته, لا تنقل عدوى الجذام ويتطلب انتقال العدوى معايشة لصيقة للمصاب لفترات طويلة من اليوم, كما أن العلاقة الجنسية أيضا لا تنقل عدوى الجذام.
أقرأ أيضاً: تحليل عامل RH – أهم المعلومات التي يجب أن تعرفها
أنواع مرض الجذام
يظهر مرض الجذام بأشكال سريرية مختلفة تندرج جميعها تحت الأنواع آتية الذكر:
الجذام الدرني (الجذام السلي) Tuberculoid leprosy
هو شكل غير معد من الجذام, يكون فيه دفاع الجهاز المناعي تجاه بكتيريا المرض قويا, وهو لا يصيب الأغشية المخاطية ولهذا لا تنتقل عدواه من المريض به إلى السليم, ومن أهم علاماته:
- ظهور بقع قليلة العدد مرتفعة الحواف يفقد فيها الجلد لونه.
- تكون البقع غير متناظرة على جانبي الجسم.
- تفقد بقع الإصابة الإحساس بالحرارة والألم والضغط.
- يتوقف إفراز العرق من بقع الإصابة كما يتوقف نمو الشعر بها.
- تحدث الإصابة العصبية مبكرا فى هذا النوع من الجذام, فسرعان ما تبدو على المريض الأعراض العصبية كالشلل وفقدان الأظافر.
- تتعدد إصابات أطراف المريض نتيجة عدم إحساسه بها فيؤدى ذلك إلى مخلبية الأطراف أو فقدام الأصابع أو فقدام القدم كاملة.
الجذام الورمي (الجذومي) Lepromatous leprosy
فى هذا النوع من الجذام تكود ردة فعل الجهاز المناعي تجاه الإصابة ضعيفة, مما يتيح للبكتيريا إصابة مناطق واسعة من الجسم, فتصيب الجلد والأنف والكلى والطحال والعينين والثديين والجهاز التناسلي الذكري.
وهذا النوع من الجذام ينتشر عبر الأغشية المخاطية للمريض فيسهل انتقاله من المريض به إلى السليم ولهذا فهو الأقوى من حيث انتقال العدوى.
ويتميز الجذام الورمي بأعراض مميزة تتمثل في:
- طفح جلدي راشح متناظر على جانبي الجسم.
- يتحول الطفح إلى عقد ورمية تنتشر على الجلد.
- يصيب الأماكن المكشوفة من الجلد كالوجه والأنف والحاجبين وشحمتي الأذنين.
- الإصابات العصبية قليلة فى هذا النوع.
- تتشوه الأجزاء المصابة وبخاصة الوجه مما يعطى وجه المريض الشكل الأسدي(وجه الأسد).
الجذام الحدي (الحافي) Borderline leprosy
هو جذام يجمع بين النوعين سابقي الذكر, كما أن أعراضه هى خليط من أعراض النوعين معا, وبناء على ذلك فهو معد من المريض إلى السليم, وقد تنتقل العدوى فى صورة الجذام الحدي أيضا, وقد تكون بأحد النوعين سابقى الذكر فقط دون الآخر.
أقرأ أيضاً: خمول الغدة الدرقية.. الأسباب والتشخيص والعلاج
فترة حضانة مرض الجذام
مرض الجذام يتميز بفترة حضانة طويلة جدا, تكون عادة ما بين 3-5 سنوات, وقد تمتد إلى 20 عاما فى بعض الحالات.
وفترة الحضانة هى الفترة ما بين حدوث العدوى وظهور الأعراض على المريض, ويعرف اثنائها المريض بحامل المرض, ويمكن لحامل المرض فى هذه الحالة نقل العدوى إلى غيره دون أن يعلم هو نفسه بأنه مصاب.
ومن الجدير بالذكر أنه فى بعض الحالات قد تظهر الأعراض على من انتقلت إليه العدوى قبل أن تظهر على من نقلها له, أى أنه ليس شرطا أن يكون من ظهرت عليه الأعراض أولا هو من نقل العدوى إلى من تلاه فى ظهور الأعراض, فقد يحدث العكس.

أسباب مرض الجذام
بالطبع لا نعني هنا المسبب البكتيري, ولكننا نعني الأسباب التى تزيد من احتمالات انتشار عدوى الجذام:
- سؤ التغذية.
- ظروف السكن غير المناسب(إزدحام السكن).
- تدني مستوى المعيشة وافتقاد العادات الصحية.
- ضعف المناعة حيث تصعب إصابة الأشخاص ذوى المناعة السليمة بالمرض, بينما تسهل إصابة ذوى المناعة الضعيفة كمرضى فيروس نقص المناعة البشري(الأيدز).
أعراض مرض الجذام
تختلف أعراض مرض الجذام من مريض لآخر على حسب نوع المرض وشدته, إلا أن الأعراض العامة للمرض يمكن اعتبارها كالآتي:
- تشوهات وتقرحات الجلد.
- فقدان لون الجلد فى بعض المناطق, أو دكانة لون الجلد فى بعض المناطق.
- فقدان الإحساس فى الأطراف(الذراعين والساقين).
- ضعف العضلات.
أقرأ أيضاً: تحليل الإيدز وتفسير نتائج التحليل
مضاعفات مرض الجذام
كلما تأخر مريض الجذام فى الحصول على العلاج كلما زادت شدة المضاعفات الناجمة عن المرض, ومن تلك المضاعفات:
- فقدان البصر(العمى).
- تشوه الوجه غير القابل للإصلاح.
- تشوه الأطراف.
- العقم لدى الرجال.
- ضعف الإنتصاب.
- الفشل الكلوي.
- شلل الأطراف.
- تلف تجويف الأنف الذى قد يؤدى لإنسداده تماما أو إصابته بالنزف.
- الإصابات المتكررة للأطراف بالحروق والجروح الناتجة عن فقدان الإحساس بها و التى قد تؤدى إلى بتر الأطراف.
تشخيص مرض الجذام
يتم التشخيص بالأعراض بصورة أساسية, ثم يتم فحص عينة من الطفح الجلدى أو عينة من الجلد للبحث عن بكتيريا المتفطرة الجذامية.
علاج مرض الجذام
كان الجذام فى العصور القديمة من الأمراض الغير قابلة للعلاج, إلا أنه فى الوقت الحالي قد تم تطوير عدد واسع من العلاجات المجدية للمرض, حتى أنه تم شفاء عدد يقارب 16 مليونا من مرضى الجذام على مستوى العالم خلال السنوات العشرين الأخيرة, حيث توفر منظمة الصحة العالمية العلاج بشكل مجاني للمرضى.
ويعتمد علاج الجذام على نوعه وعلى مدى شدة الإصابة والحالة الصحية العامة للمصاب, ويتم العلاج مبدايا بتحسين الظروف المعيشية والغذائية للمصابين, ثم العلاج الدوائي بالشكل الآتي:
العلاج بالمضادات الحيوية
وهى المرحلة الأولى لعلاج مريض الجذام دوائيا للقضاء على العدوى, ومن المضادات الحيوية الفعالة فى علاج الجذام:
- أوفلوكساسين Ofloxacin
- دابسون Dapsone
- كلوفازيمين Clofazimine
- مينوسايكلين Minocycline
- ريفامبيسين Rifampicin
بجرعة شهرية وهو علاج أساسي لجميع المرضى قد يستعمل بمفرده أو مع غيره من المضادات الحيوية سابقة الذكر بجرعات يومية.
ويستعمل العلاج بالمضادات الحيوية لمدة ستة اشهر متصلة, قد تمتد إلى عام كامل فى حالات الإصابات الشديدة.
ومن الجدير بالذكر أنه فور تلقي المريض لجرعته الشهرية الأولى من الريفامبيسين تقل جدا إحتمالات نقله للعدوى.
مثبطات المناعة
ينصح بعقار الثاليدومايد (Thalidomide)
فى بعض الحالات لتقليل ردة فعل الجهاز المناعي تجاه بكتيريا الجذام مما يساعد فى علاج العقيدات الجذامية على الجلد, إلا أن هذا العقار لا يصلح للحوامل لأنه يسبب تشوهات الأجنة.
السيطرة على الألم
يعد الضرر العصبي الناتج عن الجذام غير قابل للعلاج, إلا أنه يمكن استعمال الأدوية المضادة للإلتهاب كالبريدنيزون (Prednisone) للتغلب على الألم العصبي الذى قد يحدث كأحد مضاعفات الجذام.
الوقاية من مرض الجذام
لا توجد سبل وقاية معروفة ضد الجذام إلا الآتية:
- تحسين مستويات الحياة والتغذية.
- إعطاء المضادات الحيوية بشكل وقائي لمخالطي المرضى.
- التطعيم بلقاح (BCG)
المضاد للسل, حيث وجد أنه يساعد فى الوقاية من الإصابة بالجذام إضافة إلى وقايته من السل.
ومن الجدير بالذكر أن الإكتشاف المبكر للجذام يقى المصاب من الوصول إلى مرحلة العجز, حيث أن الأضرار العصبية الناتجة عن مرض الجذام لا يمكن علاجها أو عكسها حتى وإن شفي المريض من الجذام, وبالتالي فإن للفحص والعلاج المبكر أعظم أهمية فى منع المضاعفات الخطيرة للمرض.
هل الجذام حالة مميتة؟
واقع الأمر أن الجذام ليس من الأمراض المهددة للحياة, ولكن بعض مضاعفاته كالفشل الكلوي قد تكون مهددة للحياة إذا لم يتلقى المريض العلاج اللازم لها.
ولكن الجذام فى حد ذاته ليس مميتا, فغالبية المرضى يعيشون متوسطات أعمار طبيعية تماما, وإن كان الكثير منهم يصاب بالعجز أو التشوه نتيجة المرض.