متلازمة الابن الأوسط: اضطراب حقيقي أم مجرد نظرية؟

تعد متلازمة الابن الأوسط من المشكلات النفسية التي من الممكن أن تحدث نتيجة لترتيب الولادة وفقًا لكثير من الدراسات في مجال علم النفس. ونستعرض في هذا المقال المعلومات والأبحاث العلمية حول هذه المتلازمة، وهل هي اضطراب حقيقي أم ليس لها وجود.
ما هي متلازمة الابن الأوسط
يعتقد كثير من الباحثين في علم النفس وعلم السلوك أن ترتيب الأبناء في الأسرة يؤثر بشكل كبير على نشأتهم واتزانهم النفسي. فيعتقد أنه إذا كان ترتيب الطفل ليس الأول أو الأخير حيث يحظى كلا منهما باهتمام ورعاية بشكل زائد عن الطفل الأوسط. ونتيجة لذلك يتم تعريف متلازمة الطفل الأوسط إنها حالة نفسية أو اضطراب سلوكي يظهر في صورة سمات شخصية مختلفة و مشاعر سلبية عن نفسه وعن إخوته ووالديه.
حقيقة متلازمة الابن الأوسط
في عام 1964 طرح رائد علم النفس الفردي ألفريد أدلر نظرية مفادها أن ترتيب الولادة يؤثر ويسهم بشكل كبير في تشكيل وتطوير شخصية الفرد. وزعم أدلر أنه على الرغم من نشأة الأبناء في نفس المنزل والأسرة إلا أن ترتيب الولادة له تأثير كبير جدا في التكوين والنمو النفسي لشخصية هذا الابن. وتبعا لنظرية أدلر فإن كل ابن يتمتع بمجموعة من الصفات والسمات الشخصية وذلك وفقا لترتيب ميلاده وسط أخوته فعلى سبيل المثال :
- الابن الأكبر: يتمتع الابن الأكبر بالشخصية القوية المسيطرة، يميل إلى التسلط والتحكم في باقي إخوته وذلك نظرًا للتوقعات المرتفعة لكلًا من الأبوين بالنسبة لهذا الابن.
- الابن الاصغر: يتم في أغلب الأحيان التعامل مع الابن الاصغر كطفل مدلل، ونتيجة لهذا التدليل الزائد وهذه المعاملة الخاصة لا يتمتع هذا الابن بالتفوق على باقي أخوته.
- الابن الأوسط: اما هذا الابن فعلى الرغم من أن ترتيبه الأوسط هذا يجعله معتدل المزاج، فهو ليس محب للسيطرة والتحكم مثل الاخ الأكبر ولا مدلل بشكل زائد مثل الأخ الأصغر، إلا أنه يعاني من صعوبة التأقلم كونه عالق في المنتصف بين الأشقاء الأكبر والأصغر سنا.
وعلى الرغم من أن نظرية أدلر بدأت طريق البحث الأعمق في تأثير ترتيب الولادة على التطور والنضج النفسي للأشخاص، إلا أنها لم تزد عن كونها مجرد نظرية، وذلك حيث أظهرت الأبحاث نتائج مختلفة ومتضاربة حول تأثير ترتيب الولادة.
اقرأ أيضًا: نصائح وإرشادات تربية السلاحف في البيت .. وما هي أكثر الأنواع شيوعًا للتربية
أعراض متلازمة الابن الأوسط
هل لاحظت عزيزي القارئ في محيط الأشخاص المقربين من يقع ترتبيهم الأوسط بين اخوتهم ايًا من الصفات والملامح الشخصية التي تؤكد أوعلى الأقل من الممكن أن تشير إلى إصابتهم بمتلازمة الابن الأوسط؟
ومن صفات الابن الأوسط التي تكون بمثابة الأعراض ما يلي:
- التمرد: يميل الابن الأوسط إلى الخروج على القواعد التي يفرضها الأبوين عليهم لمحاولة جذب الانتباه، وعلى الرغم من ذلك نجد أنهم لا يقومون فعليا بالخروج على هذا القواعد.
- إجتماعيين : يجيد الابن الأوسط دائما التعامل مع الآخرين، فيستطيع دائما التدخل الفعال لحل المشاكل والمواقف الصعبة، ولذلك هم دائما اصدقاء جديرون بالثقة.
- لديهم شعور طاغي بالإهمال: يتنامى لديهم الشعور بعدم اكتراث الأبوين لهم، والشعور بالإهمال وعدم الاهتمام مما يجعلهم دائما كأشخاص بالغين بالنظر إلى طفولتهم على أنها تجربة سلبية وحزينة.
- مستقلين: غالبا ما يكون الابن الأوسط هو أول الأبناء الذي يستقل عن أبويه، وينتقل الى ابعد مكان ممكن لشعوره الدائم بأن أبويه لا يستطيعون فهمه والإحساس بمشاعره.
- لا يسعون للكمال: وعلى الرغم من ذلك يسعى المصاب بمتلازمة الأخ الأوسط الى التميز والانفراد بعيد عن باقي إخوته وخاصةً الأخ الأكبر، فإذا كان الأخ الأكبر متميزا في المجال العلمي سعى الابن الأوسط الى ان يصبح رياضيا متميزًا.
- التنافس: يسعى الابن الأوسط الى التنافس الدائم مع إخوته الأكبر والأصغر، وذلك سعيًا لجذب انتباه الأبوين وذلك بسبب التجاهل الذي يشعر به من أحد الابوين أو كلاهما.
تأثير متلازمة الابن الأوسط على البالغين
يعتقد بعض الباحثين في مجال علم النفس والسلوك بأن متلازمة الابن الأوسط تصبح ذات تأثير دائم على الأطفال المصابين بهذه المتلازمة، وخاصة إذا كانت الصفات السابقة تتواجد بشكل حقيقي في هؤلاء الأطفال. فكونك ابنَا متوسطَا يكون له بالغ الأثر السلبي المصاحب لك حتى مرحلة البلوغ، فمن الممكن أن تحدد سمات وشكل العلاقات المستقبلية لك كشخص بالغ.
على سبيل المثال يعاني الابن الأوسط في علاقاته كبالغ من اعتماد شريكه المفرط عليه في كل الأمور، فيجد نفسه مضطرًا إلى القيام بدور صانع السلام في المنزل وربما في العمل ايضًا.يؤدي هذا الاضطراب إلى تكوين شخصية ذات حضور ضعيف وباهت مقارنةً بالأشخاص البالغين من حولهم. ويولد لديهم ايضًا احساسًا دائمًا بأنهم لا يمكن أن يكونوا الشخص المفضل لدى اصدقائهم أو حتى شركاء الحياة.

السمات الشخصية الفريدة للطفل الأوسط
على الرغم من الإحساس الدائم لدى الابن الأوسط بالظلم والاهمال والتجاهل وأنه يقبع في الظل بالنسبة لوالديه،ولكن يدفعه ذلك التميز في العديد من أوجه الحياة منها :
- اعتماده على نفسه ونجاحه في تكوين صداقات من خلال مشاهدة إخوته الأكبر وأقرانه.
- يدفعه الشعور بأنه دائمًا ما يأتي في المرتبة الثانية بين إخوته الأكبر والأصغر، إلى التفوق ليحظى بجذب الانتباه الذي يسعى إليه دوما.
- يوجد كثير من المشاهير من المفاوضين العظماء وصانعي السلام والمقاتلين من أجل العدالة والعلماء كان ترتيبهم الابن الأوسط بين اخواتهم, ومن بينهم نيلسون مانديلا، مارتن لوثر كنج، تشارلز داروين وبيل جيتس وغيرهم.
- كون الابن الأوسط لا يسعى إلى الكمال،يجعله ذلك أكثر انفتاحًا على التجارب الجديدة والمخاطرة، بنسبة 85% إلي 50% للابن الأكبر.
- قد يكون الابن الأوسط أكثر قدرة على النقاش والإقناع، وربما يأتي ذلك من كونه يرى الأمور بأكثر من منظور مما يجعله أكثر تعاطفًا، لقدرته دائمًا على إيجاد الحلول الوسط.
بعض الأبحاث عن المتلازمة
على الرغم من اعتقاد بعض الباحثين في صحة نظرية ترتيب الولادة، إلا أن هذا الفرع من العلم ما يزال بحاجة إلى الكثير من الأبحاث والإثباتات العلمية لتأكيد صحته.
فقد قام العلماء بدراسة تأثير ترتيب الولادة على كثير من الحالات والاضطرابات النفسية، ومنها الوسواس القهري، والفصام، والاكتئاب والتوحد وحتى فقدان الشهية العصبي.يغطي هذا البحث ارتباط كل هذه الاضطرابات بالولادة بما فيها تأثير ترتيب الابن الأوسط.
- وجدت دراسة، سابقة في عام 1998 بأن الأبناء ذوي الترتيب المتوسط بين إخوتهم بأنهم أقل أرتباطًا بأمهاتهم عن اخوتهم الأكبر والأصغر.
- وفي عام 2016 تم عمل دراسة أحدث على 320 طالبًا جامعيًا أن كونهم من الأبناء الأوسط في ترتيب الولادة، جعلهم أقل ارتباطًا بأسرهم من اخوتهم الأكبر والأصغرسنًا.
ويمكن القول بأن متلازمة الابن الأوسط هي مصطلح شائع يستخدم لوصف ترتيب الطفل في الأسرة له من التأثير ما يشكل شخصيته ونظرته للحياة. يعتقد بعض الناس، بأن الاخ الأوسط يتم إهماله وتجاهله؛ مما يكون له بالغ الأثر في حياته كشخص بالغ فيما بعد.وتشير بعض الأبحاث، بأنه قد يكون هناك بعض التأثير على الشخصية يرجع إلى ترتيب الولادة في الأسرة، ولكن نتائج هذه الدراسات متناقضة مما يستدعي المزيد من البحث والتدقيق.
فإن تشكيل شخصية الفرد وتوجهاته بشكلٍ عام في الحياة، يعتمد على الكثير من العوامل والمؤثرات المادية والاجتماعية والعائلية، وليس فقط ترتيب الولادة.