علم الاجتماع التربوي | تعريفه وأهدافه وأهم نظرياته

علم الاجتماع التربوي هو أحد فروع علم الاجتماع التي تتميز بأهمية خاصة نظرًا لتأثيرها الملحوظ في المجتمع، تابع معنا هذا المقال لتتعرف على أهداف ونظريات علم الاجتماع التربوي وما هي أهميته.

تعريف التعليم

يعد التعليم من أهم الموضوعات البحثية في علم الاجتماع، حيث ناقش علماء الاجتماع التعليم من وجهات نظر مختلفة على نطاق واسع، ولكل منهم وجهات نظر فريدة حول وظيفة التعليم وهيكله وتنظيمه ومعناه في المجتمع.

ويعتبر التعليم مصطلح جماعي يشير إلى المؤسسات الاجتماعية، حيث يتعلم الأطفال من جميع الأعمار المهارات الأكاديمية، والعملية، والقيم، والمعايير الاجتماعية، والثقافية، لمجتمعهم الأوسع.

اقرأ أيضًا: مونتيسوري: من هي؟ وما منهجها التعليمي؟

مفهوم علم الاجتماع التربوي

يعرف علم الاجتماع التربوي أيضًا بمصطلح “سوسيولوجيا التربية” وهو مجال الدراسة الذي يتعامل مع مؤسسة التعليم، وجميع العوامل الأخرى المتعلقة بها في المجتمع. حيث يعرف بأنه “يفحص الطرق التي تؤثر بها خبرات الأفراد على تحصيلهم التعليمي ونتائجهم”.

يوضح العالم سكوت أن الموضوع “يهتم في الغالب بالتعليم، وخاصة أنظمة التعليم الجماعي للمجتمعات الصناعية الحديثة، بما في ذلك التوسع في التعليم العالي والتعليم الإضافي والتعليم المستمر”.

باختصار فإن علم الاجتماع التربوي يدرس النظام التعليمي كمؤسسة اجتماعية، ويفحص وظائفه وأدواره وسلوكياته الأخرى ضمن السياق الاجتماعي الأوسع، فضلاً عن كيفية تأثيره على الأفراد، ويتأثر بهم بشكل متبادل. حيث يقوم بتسليط الضوء على أهمية التعليم داخل الثقافات المختلفة والفئات الاجتماعية الأخرى، فضلاً عن تقييم العوامل (مثل الاقتصادية والسياسية، إلخ) المرتبطة بالأفراد والتي قد تؤثر على وصولهم إلى التعليم.

اقرأ أيضًا: التفكير المنطقي | وكيف نطبقه في حياتنا اليومية؟

تاريخ علم الاجتماع التربوي

تم تأسيس علم الاجتماع كنظام تعليمي رسمي بمساعدة عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهايم، ومن ثم تم تعيين الفيلسوف والمؤرخ العربي ابن خلدون كأحد المفكرين الرواد في علم الاجتماع، وخاصةً علم الاجتماع التربوي، حيث ترجع جذور ذلك العلم في أعمال الفلاسفة الأوائل مثل أفلاطون وأرسطو، وبدء ظهوره باعتباره تخصصًا بارزًا استجاب لجميع التغيرات الحادثة بداية من القرن التاسع عشر.

اقرأ أيضًا: الحب والصحة النفسية .. هل الحب يعزز الصحة النفسية؟

أهداف علم الاجتماع التربوي

اقترح البروفيسور هارينغتون بعض أهداف علم الاجتماع التربوي وهم كالتالي:

  •  لاكتساب المعرفة حول العمل المدرسي فيما يتعلق بالمجتمع والتقدم الاجتماعي.
  •  التعرف على دور المعلم فيما يتعلق بالمجتمع والتقدم الاجتماعي.
  • إدراك تأثير العناصر الاجتماعية على الفرد.
  • بناء منهج دراسي يتفهم بشكل كامل الميول الاقتصادية والثقافية للمجتمع.
  • التعرف على القيم أو الأيديولوجيات الديمقراطية.
  • دراسة آثار الفرد على العناصر الاجتماعية.
  • توظيف تقنيات البحث لتحقيق أهداف علم الاجتماع.

أهمية دراسة علم الاجتماع التربوي

ترجع أهمية دراسة علم الاجتماع التربوي لعدة أسباب نعرضها فيما يلي:

  • يدرك علم الاجتماع التربوي الطبيعة الاجتماعية للإنسان، ويساعده لكي يعيش حياة جماعية ويتعلم ويفهم أهمية التكيف الجماعي في المدرسة.
  • يضمن علم الاجتماع التربوي لكل إنسان الحق في الحصول على التعليم، وفقًا لاحتياجاته وكفاءته واهتماماته وقدرته. فلا يوجد عائق مثل العرق، والطائفة، والعقيدة، واللون، والجنس، يمكن أن يعيق أي فرد أن يتطور أكثر فأكثر إلى أقصى حد.
  • يضع القواعد التي تؤسس وتطور النمو الاجتماعي بين الأفراد، وتجعلهم مشاركين نشطين في الأنشطة الاجتماعية.
  • يعمل على تأمين الحياة السعيدة لجميع الأفراد.
  • يتحكم في أي تغيير نريد إحداثه في المجتمع، وذلك لأنه يضع أساس ذلك التغيير المراد في المدرسة.
  • يعزز التفدم الثقافي ويساعد التربويين في بناء المناهج، مع مراعاة الميول الاجتماعية والاقتصادية ومطالب المجتمع.
  • يساعد على توفير أسس اجتماعية سليمة للبحوث التربوية.
  • يحلل أسباب النزاعات الاجتماعية والجماعية، ويساعد على إزالتها من خلال توفير التعليم المناسب.
  • تهيئة الطفل وتنميته؛ للعيش باستقلالية في المجتمع.
  • يدرس العناصر الاجتماعية التي تؤثر على الفرد بشكل موضوعي، ويطبقها في البيئة التعليمية المدرسة.
علم الاجتماع التربوي

نظريات علم الاجتماع التربوي

النظرية الهيكلية (الوظيفية)

يرى هذا المنظور التعليم كمؤسسة متكاملة توفر العديد من الفوائد للمجتمع. حيث يتمثل فيما يلي:

  • الوظيفة الأولى

توفير مصدر للمعرفة وتعليم الكفاءة الأساسية المطلوبة للبقاء الاجتماعي وللضرورات الاقتصادية على حد سواء. كما تساعد نتائج الاختبارات الموحدة أصحاب العمل على تمييز واختيار العمال المحتملين “الجيدين” من “السيئين” حيثما يكون هناك نقص في المعرفة المسبقة عن كل منهم.

  • الوظيفة الثانية

تسهيل توزيع أو نقل القيم الثقافية الأساسية والمعايير والمعتقدات والمثل العليا، فضلاً عن المشاعر الوطنية تجاه الوطن والانسجام مع المواطنين. يتم نقل هذه القيم من جيل إلى جيل لضمان الحفاظ على هذه القيم سليمة.

  • الوظيفة الثالثة

“الاندماج الاجتماعي”، أي مشاعر التضامن تجاه الآخرين بسبب مشاركتهم نفس الجنسية، وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وما إلى ذلك في الوقت نفسه، يخدم أيضًا وظيفة تقسيم الأشخاص إلى مجموعات “مناسبة” بناءً على الاختلافات في خصائصهم (مثل الجدارة والمهارات وغيره).

تختلف الوظائف الأخرى من مكان إلى آخر وتشمل:

  • توفير رعاية الأطفال.
  • توفير التغذية (أنظمة وجبات منتصف النهار المجانية).
  • الرعاية الصحية المناسبة.
  • تقليل معدل البطالة.
  • ضمان الأمن في المجتمع، من خلال إبقاء الأفراد في المدارس وبعيدًا عن الفساد.

نظرية الصراع

ترى نظرية الصراع أن الغرض من التعليم هو الحفاظ على عدم المساواة الاجتماعية، وعلى سلطة أولئك الذين يسيطرون على المجتمع.

حيث أنه في حين يرى أصحاب النظرية الوظيفية أن المدارس تفرز الطلاب على أساس جدارتهم ومستواهم العلمي، يفترض أصحاب نظرية الصراع وجود “منهج خفي” يغرس قيمًا مثل الخضوع للسلطة والالتزام بالقواعد الاجتماعية والثقافية، وبالتالي القيام بفرز الطلاب على أسس طبقية وعرقية متميزة، حيث يرون أنها تقوم بتدريب أولئك الموجودين في الطبقات العاملة على قبول منصبهم كعضو من الطبقة الدنيا في المجتمع.

ويقوم أصحاب نظرية الصراع بدعم تلك النظرية بواسطة العديد من العوامل، أهمها أن الضرائب العقارية تقوم بتمويل معظم المدارس، لذلك فالمدارس في الأحياء الغنية لديها المزيد من المال، ونتيجة لذلك يمكنهم تحمل دفع رواتب أعلى، وتعيين معلمين أفضل، واستخدام وسائل تكنولوجية أحدث.

بناءً على ما سبق، فإن الطلاب الذين يدرسون في هذه المدارس يحصلون على مزايا كبيرة في الالتحاق بأفضل الكليات، وبالتالي الحصول على مهن ذات رواتب أعلى. بينما الطلاب في الأحياء الأقل ثراءً الذين لا يتمتعون بهذه المزايا، تقل فرصهم في الالتحاق بالجامعة، وغالبا ما يلتحقون بالتدريب المهني أو الفني. كما أنهم يمثلون أعدادًا أكبر بكثير من طلاب الأقليات.

نظرية التبادل الاجتماعي

تركز هذه النظرية على التفاعل الذي يحدث في المدارس أو الفصول الدراسية بين الطلاب والمعلمين، وبين الطلاب وبعضهم أيضًا، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التفاعلات على الأفراد المشاركين فيها.

تعتبر التنشئة الاجتماعية في أدوار الجنسين مثال أساسي لتأثير التفاعل داخل المدرسة على الأفراد. حيث تؤثر توقعات المعلمين، ونوع مجموعات الأقران، وما إلى ذلك، على أداء الطلاب (كلما زادت توقعات المعلم، كان أداء الطلاب أفضل، والعكس صحيح). كما تؤثر توقعات الطلاب على أساس مواقفهم الحياتية (مثل الظروف المالية) أيضًا على الأداء التعليمي للفرد.

تبعًا لدراسة تم فيها القيام بفحص مجموعة من الطلاب ذوي اختبارات الذكاء القياسية. ثم حدد الباحثون عددًا من الطلاب قالوا إنه من المحتمل أن يظهروا زيادة حادة في القدرات خلال العام المقبل. أبلغوا المعلمين بالنتائج، وطلبوا منهم أن يراقبوا ويروا ما إذا كانت هذه الزيادة قد حدثت.

عندما كرر الباحثون اختبارات الذكاء في نهاية العام، أظهر الطلاب الذين حددهم الباحثون بالفعل درجات أعلى في معدل الذكاء. تكمن أهمية هذه الدراسة في حقيقة أن الباحثين قد اختاروا عشوائيًا عددًا من الطلاب العاديين. وجد الباحثون أنه عندما توقع المعلمون أداءً معينًا أو نموًا معينًا، فقد حدث ذلك.

هذه الظاهرة، حيث يحدث افتراض خاطئ بالفعل لأن شخصًا ما تنبأ به، تسمى نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها. على سبيل المثال، قد يكون سوق الأسهم مستقرًا مع ارتفاع القيم. ومع ذلك، إذا خاف المستثمرون من انهيار السوق، فقد يبيعون أسهمهم فجأة، مما يؤدي إلى انهيار السوق. حدث الانهيار ببساطة لأن المستثمرين كانوا يخشون أن يحدث ذلك.

اقرأ أيضًا: كل ما يهمك معرفته عن مقياس كارز للتوحد CARS

هكذا فإن علم الاجتماع التربوي يسعى إلى إيجاد طرق لتحسين مؤسسة ونظام التعليم، بحيث يمكن تسخير إمكاناته بشكل أكثر فائدة من أجل المصلحة الأكبر للجميع في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى