علماء الأعصاب يكتشفون آلية الدماغ المرتبطة بفقدان الذاكرة المرتبط بتقدم العمر

حدد علماء الأعصاب بجامعة جونز هوبكنز آلية استجابة الدماغ المسئولة عن نوع شائع من فقدان الذاكرة وذلك من خلال العمل على الفئران، نُشر العمل يوم 20-5-2022 في مجلة كارنت بيولوجي (Current Biology) ملقيًا الضوء على عمل أدمغة المسننين والتي قد تُعمق فهمنا لمرض الزهايمر والاضطرابات المماثلة في البشر.
قال المؤلف الرئيسي للدراسة دكتور جيمس كنييرم، الأستاذ بمعهد زانفيل كريجر برين أند مايند بالجامعة: “إننا نحاول فهم الذاكرة الطبيعية ولماذا يعد هذا الجزء من الدماغ المسمى بالحُصين (قرن آمون) مهمًا للغاية للذاكرة الطبيعية، كما أن عديد من اضطرابات الذاكرة مرتبطة بحدوث خطأ ما بهذه المنطقة.”
يَعرف علماء الأعصاب أن الخلايا العصبية في الحُصين – والموجودة في عمق الفص الصدغي بالدماغ- مسئولة عن زوج متكامل من وظائف الذاكرة يُسميان بفصل النمط وإكمال النمط، وتحدث هذه الوظائف بالتدريج من خلال منطقة صغيرة في الحُصين تسمى CA3.
عندما تخرج هذه الوظائف عن توازنها تصبح الذاكرة ضعيفة مسببة أعراض مثل النسيان أو تكرار نفس الشيء، اكتشف فريق جونز هوبكنز أنه مع تقدم عمر الدماغ، قد يكون هذا الاختلال بسبب تلاشي تدريجي في منطقة CA3 فتتلاشى وظيفة فصل النمط وتصبح وظيفة إكمال النمط هي السائدة.
قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة د.هيكي يونج لي وهى عالم أبحاث مساعد في معهد مايند أند برين: “إن الخلايا العصبية المسئولة عن فصل النمط عادة ما تكون أكثر انتشارًا في المنطقة القريبة من منطقة CA3، بينما تلك المسئولة عن إكمال النمط تكون منتشرة في المنطقة البعيدة، ومع التقدم في العمر يصبح النشاط العصبي في المنطقة القريبة مفرطًا، ويصبح التفاعل بين المنطقتين غير طبيعي، مما ينشئ سيطرة لوظيفة إكمال النمط”.
في الدماغ الطبيعي يعمل كلاً من فصل النمط وإكمال النمط جنبًا إلى جنب لفرز التصورات والخبرات والشعور بها من أبسطها إلى أكثرها تعقيدًا، إذا زرت مطعم مع عائلتك وبعد مرور شهر زرت نفس المطعم مع أصدقائك لابد أن تتعرف أنه نفس ذات المطعم حتى لو تغيرت بعض التفاصيل ويسمى هذا إكمال النمط، ولكنك أيضًا تحتاج إلى أن تتذكر أي محادثة حصلت حينها حتى لا تختلط عليك التجربتين ويسمى هذا فصل النمط.
وعندما يختفي فصل النمط يسيطر إكمال النمط على العملية ومع تركيز دماغك على الخبرات المشتركة بالمطعم لاستبعاد تفاصيل الزيارات المنفصلة، قد تتذكر المحادثة حول رحلة لإيطاليا خلال زيارة واحدة ولكنك تخطئ من كان المتحدث. قال كنيريم:” جميعنا نرتكب هذه الأخطاء، ولكنها تميل إلى التفاقم مع التقدم بالعمر.”
كما قام الباحثون بالمقارنة في تجاربهم بين فئران صغيرة بذاكرة سليمة مع فئران أكبر بذاكرة سليمة وأخرى لديها خلل بالذاكرة، في حين أن الفئران الأكبر سنًا ذات الذاكرة السليمة أدت مهام إكمال المتاهة المائية تمامًا كالفئران الصغيرة، إلا أن الخلايا العصبية لديها في مناطق CA3 من الحُصين بدأت بالفعل في تفضيل وظائف إكمال النمط على حساب فصل النمط، بما أن هذه التغيرات الفسيولوجية لم تتضح في سلوكهم، فقد استنتج العلماء أن هناك شيء ما يسمح للفئران بالتعويض عن هذا النقص.
قال الباحثون إن هذا الاكتشاف ذات صدى في البشر الذين مازالو متيقظين بشكل مدهش في أعمارهم المتقدمة، لذلك فإن تحديد آلية فقدان الذاكرة يمكن أن يضع الأساس لتعلُم كيفية تجنب ضعف الذاكرة في بعض البشر وبالتالي كيفية منع أو تأخير التدهور المعرفي لدى كبار السن.
كما قال د.كنيريم: “إذا استطعنا فهم ماهية هذه الآليات التعويضية بشكل أفضل، فربما يمكننا المساعدة في منع التدهور المعرفي المصاحب للتقدم في السن، أو إذا لم نتمكن من إيقافه فربما نستطيع تحسين أجزاء أخرى في الدماغ لتعويض الخلل الحادث.”
المؤلفين الرئيسين الآخرين لهذه الورقة البحثية هم، ميشيلا جالاجر وكريجر-أيزنهاور، أساتذة علم النفس المعرفي وعلم الأعصاب بجامعة جونز هوبكنز، وسكوت زيجر، أستاذ الإحصاء الحيوي في كلية بلومبرج للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز.
كما أوضح مختبر د.جالاجر سابقًا أن دواء ليفيتيراسيتام (Levetiracetam) المضاد للصرع يحسن أداء الذاكرة، عن طريق تقليل النشاط الزائد في الحُصين، لذا تخمن د.لي أيضًا بأن هذه المعلومات الجديدة والأكثر تحديدًا حول كيفية حدوث ضعف بالذاكرة ،ربما تسمح للعلماء توجيه مثل هذه الأدوية بشكل أفضل نحو أماكن الخلل في المستقبل.
كما أضافت قائلة: “سوف تعطينا سيطرة أفضل على المكان الذي يمكن أن نستهدف فيه القصور التي نراه.”