حمى الماء الأسود أو حمى البول الأسود .. تعرف علي كل ما يهمك

حمى الماء الأسود أو حمى البول الأسود هي إحدى أشد مضاعفات مرض الملاريا، حيث تنفجر خلايا الدم الحمراء لتطلق محتواها من الهيموجلوبين مباشرة إلى مجرى الدم، وحينها تقع مسؤولية إخراجه على عاتق الكلى.

عن حمى الماء الأسود سنتحدث، لنستعرض من خلال هذا المقال أسبابها ومضاعفاتها وكيفية الوقاية والعلاج، لنقرأ معا.

ما هي حمى الماء الأسود؟

حمى الماء الأسود عزيزي القارىء ليست مرضاً مستقلاً بذاته، ولكنها إحدى مضاعفات مرض الملاريا أو البرداء كما سماها أسلافنا العرب.

الملاريا مرض طفيلي يسببه طفيل البلازموديوم ينتقل عبر البعوض من نوع الأنوفيليس، حيث تقوم البعوضة الحاملة للطور المعدي بحقنه في دم الإنسان، بعد دخول الطور المعدي (الاسبورو زويت) إلى مجرى الدم يأخذ طريقه الى الكبد.

يظل البلازموديوم كامناً في الكبد لفترة من الوقت قد تصل إلى عام كامل، حيث يتكاثر هناك ويحشد قواته، ويعرف الطفيل في هذا الطور باسم الميروزويت، ثم ينطلق من الكبد إلى خلايا الدم الحمراء.

فقط عند احتلال الميروزويتات خلايا الدم الحمراء تبدأ أعراض الملاريا في الظهور، بينما تتكاثر الميروزويتات داخل خلايا الدم الحمراء، في انتظار لدغة البعوضة التي ستحملها إلى مضيف جديد لتعيد الكرة.

نتيجة تكاثر طفيل الملاريا داخل كريات الدم الحمراء، تنفجر تلك الكريات وينطلق محتواها من الهيموجلوبين إلى مجرى الدم مباشرة.

ولأن الهيموجلوبين خارج خلايا الدم الحمراء يصبح سماً لابد من التخلص منه، تعمل الكليتين جاهدتين لإخراجه عبر البول، فيتحول لون بول المريض إلى الأسود ومن هذا اللون اكتسبت حمى الماء الأسود اسمها.

وباستمرار تفاقم المرض يفيض الكيل بالكلى وتخور قواها وتتلف أنسجتها، فيصاب المريض بالفشل الكلوي.

ولأن حمى الماء الأسود ناتجة عن انفجار كريات الدم الحمر وتلفها، فإن ذلك بالطبع يصيب المريض بمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى وفاته في كثير من حالات حمى البول الأسود.

اقرأ أيضًا: حمى لاسا أو الحمى النزيفية .. تعرف علي كل ما يهمك عن حمي lassa

أعراض حمى الماء الأسود

واقع الأمر أن حمى الماء الأسود ليست مرضاً مستقلاٌ بذاته، وإنما هي نفسها إحدى أعراض مرض الملاريا، لهذا فإن أعراضها هي ذات أعراض الملاريا، وتظهر أعراض الملاريا على المريض كالآتي:

  • حمى ترتفع فيها درجة حرارة المريض إلى 38 درجة.
  • رعشة تظهر المريض وكأنه يعاني الشعور بالبرد الشديد، لهذا سمى العرب الملاريا بداء البرداء.
  • عرق غزير.
  • عادةُ تظهر أعراض الحمى والرعشة والتعرق في صورة نوبات تعاود المريض كل 48 ساعة، لهذا تسمى الملاريا بالحمى المتقطعة.
  • تظهر أعراض الحمى والرعشة والتعرق عادةً خلال الليل.
  • صداع.
  • غثيان.
  • قىء.
  • آلام في العضلات.
  • يرقان.
  • براز مدمم.
  • تشنجات.
  • فقدان الوعي.
  • بول أسود.

تختلف أعراض الملاريا بحسب جنس الطفيل المسبب للمرض من عائلة البلازموديوم، وبالتالي فليس شرطاً أن تصيب الأعراض سابقة الذكر جميع المرضى، ولكن الأعراض المشتركة بين جميع أنواع الملاريا هي نوبات الحمى والقشعريرة والعرق الغزير.

اقرأ أيضًا: الحمى : أهم الأسباب والإسعافات الأولية

هل تسبب جميع أنواع الملاريا حمى الماء الأسود؟

تحدث حمى الماء الأسود بشكل شبه حصري مع الإصابة بنوع من طفيليات الملاريا يعرف بالمتصورة المنجلية، وهي نوع شرس من الملاريا يتوطن في جنوب وغرب إفريقيا وجنوب شرق آسيا.

من الممكن أن تحدث حمى الماء الأسود مع أنواع أخرى من الملاريا ولكنها حالات قليلة، بينما تحدث تلك الحمى في غالبية حالات الإصابة بالمتصورة المنجلية، وتتسبب في وفاة 25-50% من المصابين برغم تلقي العلاج.

حمى الماء الأسود

أسباب حمى الماء الأسود

كما ذكرنا سابقاً حمى الماء الأسود هي إحدى مضاعفات الملاريا، وبالتالي فأسبابها هي ذات أسباب الإصابة بالملاريا وهي:

  • وجود البرك والمستنقعات حيث المياه الراكدة التي يتكاثر فيها بعوض الأنوفيلس الناقل للملاريا، وبخاصة في البلدان الموبوءة.
  • السفر إلى البلدان المتوطنة فيها الملاريا.
  • الإصابة بفيروس فقدان المناعة البشري(الإيدز).
  • إهمال اتخاذ التدابير الواقية من لدغات البعوض في البلدان الموبوءة.
  • إهمال طلب المشورة الطبية عند ظهور أعراض الملاريا على المصاب.

اقرأ أيضًا: حمى التيفود – الأعراض والمضاعفات والعلاج

مضاعفات حمى الماء الأسود

إن ظهور عرض البول الأسود على المريض يعني تحطم وتلف شديد في خلايا الدم الحمراء لديه، وبالتالي فإن عدم السيطرة على المرض يؤدي للمضاعفات الآتية:

  • فقر الدم الشديد.
  • اليرقان، وهو اصفرار لون جلد المريض وعينيه.
  • تضخم الطحال الذي ربما أدى لانفجاره.
  • الجفاف.
  • الفشل الكلوي.
  • الفشل الكبدي.
  • النزف التلقائي.
  • التشجنات.
  • الغيبوبة.
  • الوفاة.

تشخيص حمى الماء الأسود

جميع الأمراض المؤدية لتحطم كريات الدم الحمراء يمكن أن تسبب بيلة سوداء، ولكن تشخيص البيلة السوداء كعرض للملاريا يرتبط بأعراض الملاريا نفسها.

ويتم التشخيص من خلال:

  • التاريخ المرضي للمريض، من حيث إقامته أو سفره الى بلد موبوء بالملاريا.
  • أعراض الملاريا وخاصة الحمى المتقطعة المصحوبة بالرعشة وغزارة العرق.
  • الفحص الجسدي للمريض.
  • فحص عينة من دم المريض مجهريا حيث تظهر طفيليات الملاريا في دم المريض وكذلك كريات الدم الحمراء التالفة.
  • تحليل عينة من دم المريض.

الوقاية من حمى الماء الأسود

لأن حمى البول الأسود إحدى مضاعفات الملاريا، فإن الوقاية منها هي ببساطة الوقاية من الملاريا، وتتمثل تدابير الوقاية من الملاريا في الآتي:

  • ردم البرك والمستنقعات للحد من انتشار البعوض الناقل للملاريا.
  • رش البرك والمستنقعات والمصارف بالكيروسين لقتل يرقات البعوض.
  • إستغلال المياه الراكدة في تربية الأسماك والضفادع لتتغذى على يرقات البعوض.
  • إستخدام أنظمة الري والصرف المغطاة في الزراعة.
  • الحرص على ارتداء ملابس تغطي سائر الجسم في حال الخروج ليلا في المناطق الموبوءة.
  • تجنب ارتداء الملابس السوداء والداكنة ليلا في المناطق الموبوءة لأنها جاذبة للبعوض.
  • تجنب استعمال العطور والمستحضرات المعطرة عند الخروج ليلا لأنها روائح جاذبة للبعوض.
  • وضع سلك ضيق الفتحات على النوافذ لتجنب دخول البعوض إلى المنازل.
  • النوم تحت ناموسيات تم نقعها في مبيد البروميثرين، وذلك في حال النوم في غرف نوافذها غير مغطاة بأسلاك.
  • إستعمال مكيفات الهواء كبديل لفتح النوافذ ليلاً في البلدان الموبوءة.
  • إستخدام مستحضرات طاردة للبعوض على الجلد عند الخروج ليلاً.
  • تجنب السير على المسطحات الخضراء بعد حلول الظلام.
  • زراعة نباتات طاردة للبعوض كنبات النيم في أسيجة حول المنازل.
  • استخدام الصواعق في الأماكن العامة ليلاً.
  • قد تنتقل الملاريا عبر نقل دم ملوث أو استعمال محاقن ملوثة أو من الأم الحامل للجنين، لذلك ينبغي مراعاة شروط نقل الدم الآمن، وتجنب تبادل المحاقن الملوثة كما يحدث بين مدمني المخدرات، وكذلك فحص النساء المخططات للحمل للتأكد من عدم إصابتهن بالملاريا قبل الحمل.
  • تناول العقاقير المضادة للملاريا حال انتشارها أو عند السفر إلى بلدان موبوءة بها، وتختلف أنواع الأدوية اللازمة تبعا لنوع الملاريا الموجود في البلد، لذلك يتم تناول الأدوية طبقا لتوصيات الجهات الصحية في البلد.
حمى الماء الأسود

علاج حمى الماء الأسود

علاج البيلة السوداء الناتجة عن الملاريا ببساطة هو علاج الملاريا المتسببة فيها، والملاريا الناتجة عن المتصورة المنجلية تحديداً تتطلب سرعة العلاج لأن أعراضها شرسة ومضاعفاتها سريعة الحدوث جداً، ويتم علاج الملاريا دوائيا من خلال طائفة من الأدوية يمكن أن يختار منها الطبيب ما يناسب الحالة وبروتوكول العلاج المتبع في بلد الإصابة، كما يمكن أن يتم الجمع بين أكثر من نوع من الأدوية.

ومما يجدر ذكره أن هناك طائفة من الأدوية كانت تستعمل سابقاً للعلاج، ولكن طفيليات الملاريا أصبحت مقاومة لها بمرور الوقت وتكرار الاستخدام، فتوقف استعمالها في العلاج، لفقدها جدواها علاوةً على آثارها الجانبية بالطبع.

ومن أشهر الأدوية المستخدمة في علاج الملاريا:

  • كلوروكوين.
  • هيدروكسي كلوروكوين.
  • كلوروكوين فوسفات.
  • كوينين سلفات.
  • ميفاكوين.
  • كوالاكوين.
  • مزيج من أتوفاكوين وبروجوانيل.
  • الأرتيميسينين: ويعرف بعقار الملاذ الأخير، حيث ظهرت مقاومة من طفيل الملاريا لجميع العقاقير في جنوب شرق آسيا، ولم يعد هناك غيره.

بالإضافة للأدوية المضادة للملاريا سابقة الذكر، يتم اتخاذ ما يلزم من الإجراءات الطبية حسب حالة المريض، فقد يحتاج المريض إلى:

  • نقل الدم.
  • نقل الصفائح الدموية.
  • دعم التنفس.
  • دعم الدورة الدموية بالسوائل الوريدية.
  • الأدوية المضادة للتشنجات.
  • الأدوية الداعمة لوظائف الكبد.
  • تنقية الدم بالديلزة باستعمال جهاز الكلى الصناعية(غسيل الكلى).

كما أن بعض مضاعفات الملاريا قد تتطلب تدخل جراحي حتى بعد تعافي المريض من الملاريا، كزراعة الكبد والكلى في حالة فشلهما التام بتأثير المرض.

الفئات المستهدفة بعلاج الملاريا

تستعمل العقاقير المضادة للملاريا في الفئات الآتية:

  • مرضى الملاريا.
  • المشتبه في إصابتهم بالملاريا.
  • المسافرين إلى بلدان يتوطن بها طفيل الملاريا كنوع من الوقاية.
  • تُستعمل كعلاج وقائي متقطع روتيني في المناطق المتوطنة بها الإصابة لوقاية السكان من العدوى بشكل استباقي.

اقرأ أيضًا: الملاريا | الأعراض والأسباب والتشخيص والعلاج والوقاية

هل يمكن للجميع استعمال أدوية الملاريا تلقائيا من أجل الوقاية؟

بالطبع لا، فالجرعات الوقائية من عقاقير الملاريا لا يصح أن تُستعمل بلا داع، لأن استعمالها وقائيا يتم بجرعات محددة، كما أنه لا يصح تعريض الجسم للآثار الجانبية المحتملة للأدوية بلا سبب وجيه.

علاوةً على أن الإستعمال غير المبرر للأدوية المضادة لطفيليات الملاريا يساهم في الإسراع بمقاومة تلك الطفيليات لها، وبهذا ستصبح بلا جدوى بمرور الوقت.

وبالطبع نحن لا نرغب في الوصول إلى مرحلة أن يعود طفيل الملاريا إلى سابق عهده قديما، عندما كان عدوى قاتلة بلا علاج.

بهذا عزيزي القارئ نكون قد وصلنا لنهاية حديثنا عن حمى الماء الأسود، وعن طفيل الملاريا المسبب لها وكيفية الوقاية منه وسبل علاجه، نرجو أن تكون تلك المعلومات قد أفادتك.

ولا ننسى تذكيرك بأن مقالنا أو غيره من المقالات والمراجع لا يغنيك أبداً عن استشارة الطبيب حال ظهور أي أعراض مرضية، فآلاف الأمراض قد تشترك في نفس الأعراض، ولا يستطيع التفرقة بينها سوى الطبيب وحده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى