العظم الزجاجي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

في عام 1716 قام العالم (أرماند) بتسجيل أول حالة إصابة لطفل حديث الولادة بمرض العظم الزجاجي، وهو مرض وراثي نادر يحدث بنسبة شخص واحد لكل عشر الاف شخص.
تعريف مرض العظم الزجاجي
العظم الزجاجي (osteogenesis imperfecta) يعرف بأسماء عديدة مثل: تكون العظم الناقص، متلازمة لوبشتاين، داء فروليك ومرض العظام الهشة.
هو مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تؤثر بشكل رئيسي على تكوين العظام، تسببها طفرات في الجينات COL1A1 و COL1A2، والتي ترمز إلى النوع الأول من البروكولاجين، المكون الأساسي للعظام، الأسنان، الأربطة وبياض العين (الصلبة).
يصيب هذا المرض الذكور والإناث بنسب متساوية. فالأشخاص الذين يعانون من هذا المرض لديهم عظام تنكسر بسهولة من صدمة خفيفة أو بدون سبب واضح، قد تنطوي الحالات البسيطة على كسور قليلة فقط على مدى حياة الشخص، أما في الحالات الشديدة يمكن أن تحدث الكسور حتى قبل الولادة.
أنواع مرض العظم الزجاجي
هناك أربعة جينات مختلفة مسئولة عن عملية إنتاج الكولاجين، ينتج هذا المرض بسبب تأثُّر بعض أو كل هذه الجينات. يمكن للجينات المعيبة أن تنتج عدة أنواع من مرض العظام الهشة، الأربعة أنواع الأولى هي الأكثر شيوعًا، أما باقي الأنواع فهي نادرة الحدوث للغاية ومعظمها أنواع متفرعة من النوع الرابع. فيما يلي الأربعة أنواع الرئيسية من مرض العظم الزجاجي:
النوع الأول
هو الشكل الأكثر اعتدالًا وشيوعًا من أنواع مرض العظام الهشة. في هذا النوع ينتج الجسم الكولاجين سليمًا وليس معيبًا، لكنه لا ينتج كمية كافية منه، وهذا يؤدي نوعًا ما إلى النتائج التالية:
- حدوث هشاشة في العظام لكنها عادةً ما تتشكل بصورة طبيعية.
- كسر في العظام عندما يبدأ الطفل في المشي ويقل تدريجيًا بعد سن البلوغ.
- قد يعاني بعض البالغين أيضًا من فقدان السمع.
- صلبة العين قد تتحول إلى اللون الأزرق.
- إصابة الأسنان ببعض الشقوق والتجاويف.
- وجه مثلث الشكل.
- طول أقل من المتوسط بالنسبة للعمر خصوصًا في مرحلة الطفولة.
- انحراف في العمود الفقري غالبًا ما يصل إلى الحد الأدنى مع مرور الوقت.
النوع الثاني
النوع الثاني من OI هو النوع الأكثر خطورة من أنواع مرض تكون العظم الناقص. غالبًا ما يعاني الرضع المصابون من مضاعفات تهدد الحياة عند الولادة أو بعد فترة وجيزة، وتميزهم الخصائص التالية:
- لديهم وزن منخفض عن الطبيعي عند الولادة.
- ذراعان وساقان أقصر من الطبيعي.
- تصلب أزرق في العينين.
- لديهم عظام هشة للغاية والعديد من الكسور الموجودة عند الولادة.
- غالبًا ما تكون الضلوع والعظام الطويلة للساقين مشوهة.
- لديهم رئة غير مكتملة النمو وصغر غير طبيعي في الجزء العلوي من الصدر مما يؤدي إلى قصور في الجهاز التنفسي تهدد الحياة.
- قد يكون لديهم أيضًا جلد رقيق وهش، أنف صغير وضيق، فك أصغر من المعتاد وبقع لينة كبيرة على الجزء العلوي من الجمجمة.
النوع الثالث
عظام مشوهة هشة للغاية وكسور متعددة هي العلامات التي تميز النوع الثالث من OI، الكسور غالبًا ما تكون موجودة عند الولادة والأشعة السينية قد تظهر علامات شفاء من الكسور التي حدثت قبل الولادة. قد تتطلب الكسور المتكررة وتشوهات العظام في الأطراف العلوية والسفلية جراحات متعددة لتحقيق الاستقرار مع نمو الطفل، كما يصبح الأفراد المصابون بالنوع الثالث من المرض أكثر اعتمادًا على استخدام الكراسي المتحركة وغيرها من الوسائل التي تساعد على الحركة في مرحلة البلوغ، ويتميز المصابون من النوع الثالث بعدد من الأعراض أهمها:
- قصر القامة نتيجة التشوهات التقدمية للعظام المختلفة.
- تشوه العمود الفقري وتلف في الموقع الواصل حيث يلتقي العظم في الجزء الخلفي من الجمجمة مع أعلى العمود الفقري.
- تشيع الإصابة بتشوهات في جدار الصدر، مما يؤدي إلى قفص صدري على شكل برميل ومشاكل رئوية ثانوية بسبب أنسجة الرئة غير الطبيعية.
- تغير طفيف في بياض العينين إلى اللون الأزرق عند الولادة ويتلاشى في معظم الحالات خلال السنة الأولى.
النوع الرابع
يتشابه في خطورته مع النوع الأول و الثالث، حيث يعاني المصابون بالنوع الرابع من:
- تشوه خفيف إلى متوسط في العظام.
- عادةً ما يكون طولهم أقل من المتوسط بالنسبة لأعمارهم.
- قد يتطور لديهم انحراف في العمود الفقري.
- وجه مثلث الشكل وضعف في السمع.
- نقص في تكوين الأسنان.
- تكون الصلبة طبيعية أو زرقاء باهتة خلال مرحلة الطفولة وتتلاشى مع تقدم الطفل في العمر.
- أرجل منحنية عند الولادة ويميل الانحناء إلى الانخفاض مع التقدم في العمر.

أعراض نقص تكون العظام
تختلف أعراض OI اختلافًا كبيرًا، وتتضمن الأعراض العامة للمرض ما يلي:
- عظام تنكسر بسهولة وضعف في العضلات.
- تشوهات في العظام مثل انحناء الساقين.
- تغير لون أبيض العين (الصلبة)، قد يتحول إلى أزرق أو رمادي اللون.
- صدر على شكل برميل.
- انحناء العمود الفقري.
- وجه على شكل مثلث.
- مفاصل ضعيفة وجلد سهل الإصابة بالكدمات.
- فقدان السمع في مرحلة البلوغ.
- تلف وشقوق في الأسنان.
ملحوظة: قد تتشابه أعراض تكون العظام ناقصة مع حالات طبية أخرى، لذا احرص أثناء التشخيص على استبعاد الأمراض التي قد تتشابه في هذه الأعراض.
التشخيص
يتم تشخيص مرض نقص تكون العظام بناءًا على التاريخ المفصل للمريض والعائلة والتقييم الشامل لتحديد العلامات والأعراض المميزة. يتم إجراء الاختبارات الجينية للكشف عن الطفرات الجينية المعروفة التي تسبب OI. في بعض المرضى، يتم تشخيص OI قبل الولادة استنادًا إلى اختبارات متخصصة مثل الموجات فوق الصوتية وأخذ عينات من الزغابات المشيمية (CVS). نستعرض فيما يلي أهم الطرق لتشخيص مرض العظم الزجاجي:
الفحص البدني للمريض
يجري الطبيب فحص بدني شامل يشمل فحص العين، الأسنان والعظام. في كثير من الحالات، عظام هشة تنكسر بسهولة بالغة تجعل الطبيب يتجه بذهنه إلى عدد من الاحتمالات، قد تكون المقارنة بينهم مفيدة في عملية التشخيص، وتتضمن هذه الاحتمالات:
- الودانة (Achondroplasia) هو خلل التنسج العظمي الذي يحدث بسبب طفرة في جين FGFR3. يعاني المصابون بالودانة من قصر القامة، قصر في الذراعين والساقين، رأس أكبر من الطبيعي، وتخلف في الجزء الأوسط من الوجه. قد تشمل التشوهات الإضافية لهذا المرض التهابات متكررة في الأذن الوسطى وتمدد محدود في المرفقين والوركين.
- نقص الفوسفاتاز ( Hypophosphatasia) يحدث بسبب طفرة في جين ALPL، وهو اضطراب نادر يتميز بحدوث خلل في عملية تمعدن العظام مما يؤدي إلى ضعف العظام. يتميز هذا المرض بأعراض مختلفة أهمها الكسور المتكررة، انحناء العظام الطويلة في الذراعين والساقين وتشوهات في الضلوع وجدار الصدر.
- تصلب العظام (Pyknodysostosis) هو اضطراب وراثي نادر يحدث بسبب طفرة في جين CTSK. يكون للأفراد المصابين قامة قصيرة، جبهة بارزة بشكل غير طبيعي، فك سفلي غير متطور، أسنان مشوهة وعظام هشة تنكسر بسهولة.
- هشاشة العظام (Osteopetrosis) هو مرض روماتيزمي يحدث بسبب انخفاض في كثافة العظام، يتميز بعظام هشة وتشوهات في الهيكل العظمي. هي حالة تصيب نصف السيدات وثلث الرجال فوق سن السبعين، تكون مصحوبة بآلام شديدة وتجعلهم أكثر عرضة لحدوث الكسور.
الاختبارات
- الأشعة السينية: ستزوِّد الأشعة السينية الطبيب بصور واضحة للعظام موضحةً الكسور والتشوهات الموجودة في العظام.
- التحاليل الطبية والجينية: يأخذ الطبيب عينة من الدم أو الأنسجة لاختبارها وراثيًا للبحث عن الطفرات الموجودة في الجينات المختصة بتكوين الكولاجين، في العديد من الحالات هذه الاختبارات تكون قادرة على تحديد الطفرة.
- الموجات فوق الصوتية: يمكن أن تكشف الموجات فوق الصوتية في كثير من الأحيان عن حالات شديدة من نقص تكون العظام أثناء فترة الحمل.
- اختبارات كثافة العظام: تتم باستخدام جرعة منخفضة من الأشعة السينية في جميع أنحاء الجسم لقياس مستويات المعادن في العظام.
- خزعة العظام: يتم فحص عينة من عظام الحوض تحت تأثير المخدر العام.
مضاعفات الإصابة بمرض العظم الزجاجي
قد تظهر المضاعفات التالية نتيجة الإصابة بمرض تكون العظم الناقص:
- تكوُّن جزء صلب مفرط التنسج (Hyperplastic callus) قد يتطور إلى أورام خبيثة ثانوية.
- الإصابة بـالساركوليما العظمية وهي ورم خبيث يصيب العظام.
- الانغلاف القاعدي (Basilar invagination) يحدث عندما يتحرك الجزء العلوي من الفقرة الثانية إلى الأعلى، يمكن أن يتسبب في إغلاق الفتحة الموجودة في الجمجمة حيث يمر الحبل الشوكي إلى الدماغ، كما أنه قد يضغط على جذع الدماغ السفلي.

علاج مرض العظم الزجاجي
في حين لا يوجد علاج شافي لنقص تكون العظام، هناك طرق لتحسين نوعية حياة الطفل. يكون العلاج فردي يختلف من شخص لآخر اعتمادًا على شدة المرض وعمر المريض. يتم توفير الرعاية من قبل فريق من متخصصي الرعاية الصحية، بما في ذلك الطبيب المختص، طبيب العلاج الطبيعي، التمريض والأخصائي الاجتماعي، وينقسم العلاج إلى علاج غير جراحي وعلاج جراحي، وإليك كل منهما بالتفصيل:
العلاج غير الجراحي
- الأدوية: ثنائي الفوسفونات، هو نوع من الأدوية التي تمنع تآكل العظام وتعمل على تقويتها، تعطى للطفل إما عن طريق الفم أو عن طريق الوريد. في الأطفال الذين يعانون من زيادة حادة في تكون العظم الناقص، غالبًا ما يقلل العلاج ثنائي الفوسفونات من آلام العظام وعدد الكسور. يتم إعطاء الدواء تحت إشراف الطبيب المختص.
- إصلاح الكسور: تُستخدم أخف المواد الممكنة في تشكيل العظام المكسورة. لمنع حدوث المزيد من المشاكل، يوصى بأن يبدأ الطفل في التحرك أو استخدام المنطقة المتأثرة في أقرب وقت ممكن. إصلاح العظام المكسورة بصورة صحيحة يساعد على سرعة وسهولة التئامها.
- العلاج الوظيفي: يتناول العلاج المهني المهارات الحركية الدقيقة، مثل الإمساك بالهاتف أو ربط الحذاء.
- العلاج الطبيعي: يصف المعالجون الفيزيائيون التمارين التي تزيد من القوة والمرونة وقدرة العظام على الحركة.
- الأجهزة المساعدة: يمكن أن تحسن وسائل المساعدة مثل المشاية أو العكاز من القدرة على الحركة.
- رعاية الفم والأسنان: يمكن أن تؤدي الإصابة بمرض العظم الزجاجي إلى تغير في لون الأسنان أو التسوس، ويحتاج المصابون بهذه الحالة إلى فحوصات منتظمة للأسنان.
- التمارين الرياضية: تساعد ممارسة التمارين الرياضية كالسباحة والمشي على التقليل من حدوث الكسور في المستقبل وتقوية العظام والعضلات التي تدعمها.
العلاج الجراحي
يمكن التوصية بإجراء جراحة في الحالات التالية:
- كسور متكررة لنفس العظمة.
- كسور لم تلتئم بشكل صحيح.
- تشوه في العظام مثل انحراف العمود الفقري.
وتشتمل العمليات الجراحية على:
- تركيب قوائم معدنية في العظام الطويلة للذراعين والساقين للمساعدة في تعزيز العظام، وبالتالي تقليل عدد الكسور. بعض القوائم المعدنية لها طول ثابت ويجب استبدالها مع نمو الطفل، وبعضها تتمدد أثناء نمو العظام.
- عملية دمج الفقرات، وهي عملية جراحية يتم فيها إعادة ترتيب عظام العمود الفقري ودمجها معًا لإصلاح اعوجاج العمود الفقري (الجنف)، على الرغم من أن عملية دمج الفقرات هي العلاج المعتاد للجنف إلا أنه من الممكن أن يترك أثرًا سلبيًا على تكوين الضلوع.
كيفية التعايش مع مرض العظم الزجاجي
فيما يلي بعض النصائح التي وضعتها مؤسسة عالمية خاصة بمرضى العظم الزجاجي كي تساعدهم وأسرهم على ممارسة الحياة بصورة طبيعية إلى حدٍ ما:
- لرفع طفل يعاني من نقص في تكوين العظام، قم بإبعاد أصابعك عن بعضهم وضع يدًا واحدةً بين الساقين وأسفل الأرداف واليد الأخرى خلف الكتفين والرقبة والرأس.
- لا ترفع الطفل المريض أبدًا بإمساكه من تحت الإبطين.
- ابتعد عن جذب الطفل من ذراعيه أو ساقيه أو رفع الساقين من الكاحلين لتغيير الحفاضة.
- اختر للرضع مقعد سيارة متسع يميل للخلف بحيث يكون من السهل وضع الطفل في المقعد وإخراجه، وقم بتبطين جوانب المقعد الصلبة بالمطاط.
- اتبع إرشادات الطبيب المختص وخصوصًا فيما يتعلق بتناول نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د.
- يجب على البالغين الذين يعانون من مرض العظم الزجاجي أن يتجنبوا بعض العادات الضارة مثل: التدخين، تناول المشروبات الغازية والمنشطات لأن لها تأثير سلبي على كثافة العظام.
- قم بممارسة تمارين رياضية خفيفة كي تساعدك على تقوية عظامك والحد من الكسور.
إن إنجاب طفلًا يعاني من مرض مزمن مثل العظم الزجاجي يتطلب أسرة واعية قادرة على تأهيل بطل قد يكون ضعيف جسديًا بعض الشئ لكنه قادر بعقله على مواجهة كل التحديات.