العدة للمطلقة والأرملة

هل العدة، أربعة أشهرٍوعشرًا، أم ثلاثة أشهر؟ ولماذا هذا العدد بالتحديد؟ وهل يجب على المرأة ارتداء اللون الأسود؟ وهل غير مسموح لها أن تخرج من البيت لأي سبب؟ هذا ما سنعرفه وأكثر في الأسطر القادمة عن العدة.
العدة لغةً
يأتي اللفظ من كلمة العد، عد الشيء أي إحصاءه أو معرفة مبلغه ومقداره، وهناك عدة ألفاظ مشتقة من بعضها البعض مثل: عددّ، عددّا، تعدادًا، والعِدة قد تأتي بمعنى الجماعة من الرجال أو النساء.
العدة اصطلاحًا
العدة في أصول الفقه هي مدة زمنية حددها الشرع يلزم فيها المرأة بالانتظار في بيتها وعدم الزواج بعد وفاة زوجها أو الطلاق، ولا يحل لها الزواج حتى تنقضي فترة العدة.
أنواع العدة
- العدة بعد الطلاق:
- المرأة التي تأتيها الدورة الشهرية، عدّتها أن تمر ثلاثة حيضات.
- أما التي انقطع حيضها أو الصغيرة، فعدّتهن أن يمر ثلاثة أشهر.
- المرأة الحامل، عدّتها أن تضع حملها أي تلد.
- العدة بعد وفاة الزوج:
- إذا لم تكن المرأة حاملًا، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.
- أما الحامل، فتنقضي عدتها بالولادة.
والأحكام الشرعية هنا محددة سواء كانت المدة قصيرة أو طويلة، بمعنى أن المرأة الحامل إذا طلقها زوجها عند الظهيرة، ثم وضعت حملها مساءًا في نفس اليوم فعدّتها انقضت بالولادة.
والمرأة التي تحيض، فعدتها أن تمر حيضة ثم تطهر، وحيضة ثم تطهر، وأخيرا حيضة ثم تطهر. سواء كانت دورتها الشهرية منتظمة أم لا، حيث تختلف المدة بين الحيضة والأخرى عند كل امرأة حسب طبيعة جسدها.
واللاتي لا يحضن، سواء كانت صغيرة لا تحيض أصلا، أو آيسة في سن اليأس انقطع عنها الطمث، يتربصن ثلاثة أشهر.
حكم العدة
العدة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع.
العدة في القرآن
- قال تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة:228].
- ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة:234].
- ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق:4].
العدة في السنة
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ، لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، تُلْقِي ثَوْبَكِ عِنْدَهُ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي». قاله لفاطمة بنت قيس عندما طلقها زوجها ثلاثًا.
في الإجماع
- أجمع أهل العلم بأن المرأة المتزوجة غير الحامل عدتها أربعة أشهرٍوعشرا بعد وفاة زوجها سواء كان مدخولا بها أم لا.
- وأجمعوا أن المرأة المطلقة التي لم يدخل بها فليس لها عدة، استنادا لقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب:49]
اقرأ أيضًا: ما هو حد الحرابة في الإسلام؟
ما الذي يحرم على المرأة في العدة؟
- الخطبة أو الزواج
قال الله تعالى: “وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ”.[البقرة:235]
يحرم على المرأة النكاح حتى تنتهي فترة العدة. وكذلك يحرم خطبتها، وجه الله الخطاب للرجال الراغبين في الزواج من امرأة في فترة عدتها، لا يجوز التواعد سرًا كالزنا، ولا يجوز أن يتفق معها على الزواج، يجوز فقط التعريض أو التلميح.
- التطيب والتزين
حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المتوفَّى عنها زوجُها لا تلبسُ المُعصفَرَ من الثيابِ ولا المُمشَّقةَ ولا الحليَّ ولا تختضبُ ولا تكتحلُ”.
وهنا منعًا لللبس لا يجب على المرأة ارتداء الملابس السوداء على زوجها. ما نهيت عنه هو ارتداء الملابس الجميلة أو الفاقعة، فعليها ارتداء ملابس عادية أيًا كان لونها، المهم ألا تكون ملفتة أو فاتنة.
وكذلك لا يجوز لها استخدام الطيب، ولا الحناء سواءًا ليديها أو شعرها، وأخيرًا الكحل في عينيها.
عدا ذلك لها أن ترتدي ما شائت وأن تغتسل متى أرادت، وأن تتحدث على الهاتف مع أهلها وصديقاتها.
- الخروج من البيت لغير حاجة
الحكم الأخير هو أن تظل في بيتها، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ”.
فيجب على المرأة أن تتربص ببيتها، لها أن تخرج نهارًا لقضاء حاجتها وتسوية معاشها أو العمل. لكن لا تخرج بدون حاجة مثل التنزه أو السفر حتى لو للحج. وتبيت الليل في بيت زوجها.

ما الغرض من العدة في الإسلام
في البداية علينا أن نعلم أن أي حكم شرعي موضوع من الله جل جلاله، فواجب علينا الامتثال له سواء عرفنا الغرض أو الحكمة أو لم نعرف. لأنه في كل الأحوال أمر غرضه مصلحة الإنسان، فالخالق هو أدرى بخلقه وبما يصلح لهم ويناسبهم.
ورغم ذلك يوجد اجتهادات من العلماء والمفسرين لمعرفة أسباب التشريعات والتي تحتمل الصواب والخطأ، وإليك بعض تفسيرات الغرض من مدة العدة.
- السبب الرئيس هو التأكد من براءة الرحم حتى لا يختلط مائين في رحم واحد لمنع اختلاط الأنساب.
- في حالة الطلاق إذا لم تكن الثالثة، فإنها فترة تسمح بوجود محاولات صلح بين الزوجين.
- عند موت الزوج، فإنها فترة للحزن على زوجها بهدوء في بيتها، دون اختلاط بالناس، فقط أقاربها ومحارمها يواسونها في بيتها.
- إظهار حق الزوج في الحزن عليه، حتى أن فترة الحداد على أي أحد من أهلها لا تزيد عن ثلاثة أيام. بعكس طول فترة حداد الزوج التي يمنع فيها التزين.
- فكأن العدة فترة نقاهة تتربص المرأة فيها ببيتها في محاولة لاستعادة توازنها للتفكير في حياتها المستقبلية، وكيف ستصبح الحياة الجديدة. محاولة استيعاب الأمر بالتدريج، خيرًا لها من أن تمر بأزمة نفسية وأيضًا تخرج من بيتها فتحدث لها نقلة حياتية مباغتة.
اقرأ أيضًا: أفضل صيغ دعاء الزواج لتيسير الزواج