السندباد البحري .. مغامرات سندباد

قصة السندباد البحري من أشهر قصص التراث العربي، والتي ذكرت ضمن حكايات ألف ليلة وليلة، وكتب قصته الكاتب المصري كامل الكيلاني الذي تخصص في أدب الأطفال وأعد أول مكتبة خاصة بهم في مصر.
السندباد هو بحار عربي يهوى الإبحار والمغامرات مع طائره، خاض العديد من الرحلات البحرية بغرض التجارة وجني الأموال، وتعرض في تلك الرحلات للعديد من المغامرات والتحديات المثيرة التي استطاع اجتيازها جميعًا بفضل ذكائه وتعاونه مع أصدقائه.
ما هي قصة السندباد البحري؟
السندباد هو اسم لبحار ومغامر عربي، وقد اختلف الباحثون في أصله ولكن معظمهم أرجع أصله إلى مدينة بغداد بالعراق.
ولد السندباد لأب غني قد توفاه الله وترك له ثروة كبيرة ولكنه أضاع معظمها وتبقي قدرًا ضئيلًا، وقد قرر أن يعمل لكي يجني الأموال عن طريق سلوك مسار أبيه بالعمل في التجارة عن طريق البحر، فقد باع بعض من أملاكه واشتري بثمنها بضائع وحملها على ظهر سفينة ليتاجر فيها مع عمه، وقد أهداه عمه طائرًا متكلمًا واسماه السندباد “ياسمينة” لكي يرافقه في سفره.
ومن هنا تبدأ قصة السندباد البحري حيث إنه بدأ رحلاته البحرية من ميناء مدينة البصرة عبر المحيط الهندي إلى سواحل إفريقيا وآسيا لكي يبيع بضائعه، وأيضا يقص على الأهل حين عودته ما رأى في تلك البلاد من عجائب المخلوقات.
تناولت قصة السندباد البحري سبع ليال من كتاب ” ألف ليلة وليلة” يروي بهم سبع مغامرات خاضها في أعالي البحار وظهر بها في صورة البطل الأسطوري الذي يهوي المغامرة ويجعلها دائما دافعه للبحث عن الأماكن الجديدة والغريبة والتي لم تطأها قدم إنسان قبله.
مغامرات السندباد البحري
قام السندباد البحري خلال حياته بالعديد من المغامرات، والتقى بالعديد من الأشخاص الذين صاروا أصدقائه فيما بعد.
في السطور التالية سنوضح قصة السندباد البحري مع البحار ومغامراتها وهي كما يلي:
الرحلة الأولى (الجزيرة المتحركة والخيول البحرية)
قصة السندباد البحري الأولي بدأت بأنه ذهب للتجارة مع سفينة بها العديد من البحارة، حتى رست تلك السفينة فوق جزيرة في الماء، وبدؤوا في إشعال النيران لعمل الأكل والتنظيف وخلافه، ولكن فجأة صاح بهم قائد السفينة أن ينجوا بأنفسهم لأن هذه ليست جزيرة وإنما هي ظهر حوت، وقد أحس بالحرارة وسوف يغوص بهم في أعماق البحر، يجب أن يصعدوا على متن المركب مسرعين.
لم يستطع الكثير منهم الصعود على المركب ومن ضمنهم السندباد، ولكن شاء الله أن ينجو عن طريق لوح خشبي تمسك به حتى وصل إلى جزيرة.
وقد أخذوه حراس الجزيرة للملك وروى له قصته، وأمر الملك بأن يعمل كاتبًا في ميناء البحر يدون كل مركب يعبر للبر، وقد أحسن إليه كثيرا حتي يوم وصول سفينة تريد أن تبيع بضاعة لتاجر قد غرق بالبحر ليعودوا بالأموال لأهله في العراق.
وقد عرف السندباد أنهم من كانوا معه بالسفينة، فأخذ يروي لهم كيف نجا ووصل لتلك الجزيرة وكيف أكرمه الملك، فهنأوه بسلامته وباعوا البضاعة كاملة، وأهدي السندباد للملك هدية نظير كرمه معه ، ثم استأذن منه بالرحيل علي بلدته.
الرحلة الثانية (وادي الألماس)
بعد مدة من رحلته الأولى وتأسيس حياة جديدة مرفهة من قصر وخدم وأموال، قد سئم الخمول، وهو من يحب المغامرات والحركة فقرر أن يذهب في رحلة بحرية جديدة.
ذهب مع بعض التجار المعروفين في رحلة تجارية على متن سفينة جيدة، وأثناء الرحلة هبطوا على جزيرة بها العديد من أشجار الفاكهة ولا يوجد بها بشر أو حيوان، واستظل السندباد بشجرة منها مع بعض الفاكهة، ولكن غلبه النوم وعندما استيقظ وجد نفسه وحيدًا وقد غادرت السفينة.
بدأ يتجول بالجزيرة حتى وجد قبة عملاقة وعندما اقترب منها تبين أنها بيضة لطائر الرخ، فكر بأنه يستطيع أن يربط نفسه برجل الطائر لينقله لجزيرة أخرى، وعندما نفذ فكرته وصل إلى واد كبير مليء بالحيات والماس أيضًا، وإذا بقطعة لحم كبيرة تسقط من أعلى.
كان يدرك بأن التجار الذين يريدون الماس يفعلون تلك الخدعة، يلقون باللحم علي الجزيرة حتي يلتصق به الماس، ثم يأتي طائر على رائحة اللحم لكي يلتقطه، فيخيفوا الطائر ويأخذون الألماس الملتصق باللحم.
فأخذ يجمع الماس واللحم حتى جاء الطائر، وتسلق رجله لينقله خارج الجزيرة، وعندما حاول التجار إخافة النسور لأخذ الماس وجدوا السندباد، فأعطى لهم جزءَا من الماس وروي قصته لهم فأخذوه معهم على السفينة للعودة لبغداد.
الرحلة الثالثة (الغول الأسود)
قصة السندباد البحري مع الغول بدأت عندما كان في رحلة تجارية، وعصفت بهم العواصف حتى وصلوا إلى جبل القرود، التي أحاطت بهم من كل جانب بأعداد كبيرة وجرت السفينة وأخذت كل مافيها، تجولوا بالجزيرة لعلهم يجدون مخرجَا لهم فوجدوا قصرا دخلوا إليه.
وعندما حل المساء ارتجت الأرض من أسفل منهم حيث ظهر شخص أسود طويل القامة عيناه كالجمرتين وله أنياب مثل الخنازير، أخذ يقلب فيهم حتى أخذ قائد السفينة حيث كان سمينًا غليظَا، فوضع به سيخ من فمه حتى خرج من دبره ووضعه علي النار ليشويه ثم أكله وذهب لينام.
ظلوا خائفين وأقترح سندباد أن في خلال الصباح والغول نائم يصنعون من الأخشاب قاربًا ويربطنه عند البحر، وبعد انتهائهم من عمل القارب أخذوا سيخين ووضعهما في النار حتى أصبحا شديدا الاحمرار ثم وضعوهما في عيني الغول كي لا يراهم، فاهتاج الغول وظهرت غيلان أخرى معه، وأخذوا يلقونهم بالحجارة حتى ركبوا القارب الخشبي.
بعضهم غرقوا أو ماتوا من الحجارة ولم يتبقي سوي شخصان فقط مع السندباد، فوصلوا إلى جزيرة كثيفة الأشجار حتى ظهر لهم ثعبان كبير الحجم ابتلع الشخصين، واحتمي السندباد بصنع عوارض خشبية حوله حتي لاح الصباح ووجد سفينة مارة فاستغاث بهم لإخراجه وإعادته لوطنه فأخذوه معهم.
الرحلة الرابعة (الوليمة الغريبة)
رافق السندباد البحري أحد التجار في رحلة بحرية ولكن ضلوا الطريق ووصلوا إلى جزيرة، ذهب بهم الحراس إلى ملكهم، فأعد لهم الملك وليمة كبيرة ولكن لاحظ السندباد أن الأكل غريب وأن الملك لا يأكل منه فتظاهر أنه يأكل معهم.
وبعد أكثر من يوم أصبحوا أصدقاءه ممتلئين ويتصرفون بحماقة، ولكي لا يموت جوعا أخذ يأكل الحشائش حتى ظهر بالصدفة سفينة لجأ لها لكي يخرج من الجزيرة.
الرحلة الخامسة (شيخ البحر)
قصة السندباد البحري في هذه الرحلة مثيرة بعض الشيء، حيث رأي هو وأصدقائه بيضة طائر الرخ، فهاجمتهم أنثى الطائر وألقت بصخرة عليهم كسرت مؤخرة السفينة وغرق معظم من فيها.
ولكن السندباد تشبث بعارض خشبي حتى وصل إلى جزيرة بها شيخ كبير حاول أن يستغله ويقسو عليه، فأسكره السندباد وقتله، وأخذ الكثير من جوز الهند وطلع علي ظهر سفينة وأخذ يقايض به في العديد من الجزر في أثناء تحرك سفينته.
الرحلة السادسة (مقبرة الأفيال)
يروي السندباد تلك الحكاية بأنه هوجم هو وسفينته من قبل القراصنة وأخذوا بضاعتهم وأصبحوا رهائن لكي يجبرونهم على مساعدتهم في صيد الفيلة وأخذ أنيابها، قرر السندباد أن يذهب بمفرده للغابة لكي يصطاد مقابل حماية أصدقائه.
وحينما وصل وأطلق السهم على رجل فيل شعر بالذنب فذهب لكي يعالجه وحينها الفيل حمله إلى كهف مملوء بأنياب الفيلة الميتة، فجمع بعضها للقراصنة واشترط ألاّ يدلهم على مكان الكهف حتى يأخذ بضاعته كاملة وأصدقائه، فاستعاد بذلك سفينته ورجع إلى بغداد.
الرحلة السابعة (القافلة)
تلك هي نهاية قصة السندباد البحري مع المغامرات، حيث وصل إلى جزيرة مليئة بالأشجار وكان خائر القِوَى، فاصطحبه شيخ كبير وقضي في ضيافته بضعة أيام ليستعيد قوته.
فوجد لديه ابنة جميلة ووحيدة فتزوجها، ثم مات الشيخ فأصبح يمتلك كل شيء له وأخذ منصب شيخ تجار المدينة.
وبعد مدة قرر هو وزوجته أن يبيعوا كل شيء ويعودون إلى بغداد ليكمل ما تبقى له من عمر بها، وقد قرر ألاّ يعود مرة أخرى لحياة المغامرة والترحال بعد أن كبر بالسن.

كارتون مغامرات السندباد البحري
في عام 1975 قامت شركة إنتاج يابانية بعمل مسلسل كارتون يروي قصة السندباد، وقد اقتبس قصته الأساسية مع إضافة بعض الشخصيات الأخرى المحببة في قصص منفصلة، وهم علي بابا وعلاء الدين فقد أصبحا أصدقاءه في مغامراته، وقد اجتمعوا على هدف واحد وهو مناصرة الخير لكي يهزم الشر.
في إطار قصة السندباد البحري مع أصدقائه يبرز دور الطائر ياسمينة، حيث إنها بشرية وقد حولها المشعوذون لطائر وأبويها لنسور، فيستعد الأصدقاء الثلاثة لإيجاد طريقة لتخليص ياسمينة من هذا السحر، وأيضا ينقذ السندباد أباه وعمه من الزعيم الأزرق الذي حولهم إلى حجارة.
الدروس المستفادة من قصة السندباد البحري
- السعي في طلب الرزق وأن لا أعتمد دائمًا على ما لدي من أموال لأنه سيأتي يوم وتنفذ.
- التمتع بحس المغامرة والبحث عن كل جديد.
- الاستعانة بأصحاب التخصص والمهارات والاستفادة منهم في انتصار الخير على الشر.
- مساعدة كل محتاج قدر المستطاع.
- الخير سينتصر دوما على الشر حتى لو طالت الأيام.
- تعلم الأطفال عدم الاستسلام والتعامل بهدوء مع المواقف الصعبة.
في النهاية، على الرغم من أن قصة السندباد البحري قد تكون محض خيال كاتب، ولكنها تعلمنا وتعلم أطفالنا الكثير من دروس الحياة مثل: حب المغامرة، السعي لطلب الرزق، التعاون، ومناصرة الحق دائمًا.