الاستنساخ البشري | الأنواع والمخاطر

الاستنساخ البشري من المسائل العلمية المثيرة جدًا والتي حيرت العلماء لفترة كبيرة، منذ أكثر من عشرين عامًا لم يكن الحديث عن هذا الموضوع سوى فكرة، والآن تحولت الفكرة إلى حقيقة ممكنة، وكأننا انتقلنا بفضل العلم والعلماء من كوكب إلى كوكب أخر، هيا بنا نبدأ رحلتنا ونتعرف أكثر عن هذه التقنية ومسارها التاريخي.

تعريف الاستنساخ 

هو عملية إنتاج نسخة متطابقة جينيًا ووراثيًا من أنسجة غير جنسية مثل خلايا الجلد، بغرض استخدامها في علاج الأمراض المزمنة، وإنتاج أنواع أكثر من النباتات والحيوانات المهددة بالإنقراض .

أنواع الاستنساخ 

توجد ثلاثة أنواع من الاستنساخ:

  • الجيني: يتم عن طريق زرع الجين الذي نريد استنساخه داخل خلية بكتيرية أو فطرية أو فيروسية تسمى فيكتور (Vector)، وتوضع في ظروف مناسبة لنموها للحصول على كمية كبيرة من جين معين يحمل نفس الجينات الوراثية أو جزء منها لإستخدامه في الأبحاث .
  • الإنجابي: حيث يتم إنتاج حيوان جديد بالكامل مطابق للأصلي الذي أخذت منه الخلية، مثل النعجة “دوللي”.
  • العلاجي: ويقوم بإنتاج خلايا جذعية جنينية يتم استخدامها في علاج الأمراض، حيث تنقسم الخلايا الجذعية وتتولد منها جميع الخلايا الأخرى.

تاريخ الاستنساخ البشري

أول عملية استنساخ يعود تاريخها إلى عام 1885م، كانت عبارة عن استنساخ جنين من قنفذ البحرعن طريق فصل نواة من الخلايا الجسدية للكائن تحتوي على المادة الوراثية دي ان اي (DNA) عبارة عن ٤٦كروموسوم، ثم تدمج النواة داخل بويضة مفرغة النواة وتتعرض لصعقة كهربائية فيبدأ انقسام النواة إلى خلية أولية، ثم يتكون الزيجوت الذي يكون حاملاً لجينات الكائن الأول.

ثم تطورت أبحاث وأفكار الاستنساخ حتى أعلن عن ظهور أشهر حالة استنساخ، وهي النعجة دوللي.

غير أن النعجة دوللي وضعت العلماء أمام حقيقة كانت غائبة عنهم، وهي أن الكائن المستنسخ يولد بخلايا في نفس عمر الخلية التي تم استنساخها، فلم تلبث النعجة دوللي أن عانت أعراض الشيخوخة لأن عمرها الفسيولوجي كان هو عمر الخلية التي نشأت منها، الذي هو عمر النعجة الي يمكن أن نطلق عليها مجازا النعجة الأم!!

وهذا يعني أنه إذا تم الحصول على خلية من إنسان عمره خمسين عاما على سبيل المثال، فإن نسخته التي تكونت في المعمل للتو، واقعيا عمرها 50 عامل، وبالتالي لن تلبث أن تعاني أمراض الشيخوخة وتموت!!

كما أن هناك صفات للكائن الحي لا يمكن أن تنتقل إليه إلا من خلال الكرموسومات الجنسية، وبالتالي يمكن أن تفتقدها النسخة المستنسخة فتصبح مشوهة أو مريضة، وفي أفضل الحالات ستختلف في الشكل والسلوك عن الكائن الأصلي.

وهذا وجه التفكير إلى أن تطبيقات الاستنساخ ينبغي أن تتخذ مسارا أوسع من مجرد الحلم بإعادة من ماتوا إلى الحياة في نسخ جديدة!!

 تطبيقات على الاستنساخ 

 ‏تم تطبيق فكرة الاستنساخ على العديد من النباتات والحيوانات المهددة بالإنقراض، ولكنها لم تنجح على المدى البعيد. وأيضًا تم تطبيقها على الثدييات فكان أول استنساخ هي النعجة دوللي التي تم استنساخها من خلية غنم بالغة وعاشت لمدة 6 سنوات قبل أن تموت بسرطان الرئة.

استنسخ العلماء أيضًا “الرئيسيات” ومنها السعالي عن طريق تقسيم الجنين إلى نصفين، لكن العملية في الأساس كانت عبارة عن توائم إصطناعية بدلاً من استنساخ حقيقي.

أما هدف العلماء الأساسي من الاستنساخ هو إنتاج نسخة مطابقة لأنسجة بشرية مثل الكبد والكلي والبنكرياس، والذي سيحقق إنجازًا طبيًا كبيرًا في علاج مرض الفشل الكبدي والكلوي ومرض السكر، استنساخ هذه الخلايا قد يساعد المرضى الذين يحتاجون لتلك الأعضاء في حالة عدم وجود متبرعين.

ومن الأمثلة الأخرى على الاستنساخ :

  • دمج نواة مفرغة من خلية العنكبوت داخل بويضة معزة وينتج عن ذلك “العنكبوت الماعز” الذي ينتج الحليب، والذي يمكن تصنيعه إلى ألياف قوية وإدخاله في الصناعات الأخرى مثل:
  • حرير العنكبوت لصنع السترات الواقية من الرصاص والحبال والمنسوجات والخيوط الجراحية والأوتار الصناعية والضمادات لمصاب الحروق.
  • أيضًا تم دمج نواة من كائن يحتوي على هرمون اللبن داخل بويضة الأبقار لتنتج نسخة معدلة وراثيًا من الهرمون، والذي يوجد في الغدة النخامية للأبقار وتتحكم في زيادة إدرار اللبن.
  • ‏استنساخ حيوانات ذات نسب مرتفعة من اللحم.
  • ‏استنساخ العديد من النسخ من حيوان معين لاستخدامها في إجراء اختبارات الأدوية عليها، مما يساعد في الحصول على نتائج متجانسة.
  • كما أدي الاستنساخ إلى إنتاج فأر بأذن بشرية.

أقرأ أيضًا: متلازمة برادر ويلي (PWS) | الأسباب والأعراض وطرق العلاج

ما الفرق بين الاستنساخ البشري والتلقيح الصناعي؟

التلقيح الصناعي هو الطريقة الفطرية للتكاثر والتي اعتاد عليها البشر للحصول على الذرية، وهي ارتباط بين الذكر والأنثى عن طريق اندماج حيوان منوي يحتوي علي ٢٣كروموسوم مع بويضة تحتوي على ٢٣كروموسوم ليتنج الزيجوت، الذي ينقسم إلي خلايا وكل خلية منهم تكون عضو من أعضاء المولود الجديد، الذي يحمل جينات كلاً من الأبوين؛ وهكذا تتكون الأسرة، ولكن اكتشاف تقنية الاستنساخ البشري حطمت كل ما اعتاد عليه الناس وألفوه، ليأتي بطريقة جديدة للإنجاب، وتتم عن طريق تفريغ خلية جسدية وليس جنسية كما هو الحال في التكاثر الطبيعي من النواة ثم تدمج هذه النواة داخل بويضة منزوعة النواة، وتعرض لصعقة كهربائية لتنقسم وتكون الزيجوت، وتنتج النسخة مطابقة للكائن الأول. 

أقرأ أيضًا: ما هو تحليل DNA وما هي فوائده؟

آراء رجال الدين حول موضوع الاستنساخ البشري

نقلاً عن لسان أهل الدين أن الخلق يختص بالله جل وعلا وحده، وهو خلق شيء من لا شيء، والعلماء لم يأتوا بشيءٍ من العدم، أكثر ما فعلوه هو أخذ خلية من كائن حي خلقه الله ودمجها بخلية أخرى وهيأوا لها الظروف المناسبة للنمو والانقسام، ولكنهم لم يأتوا بشيء من عدم بل اكتشفوا طريقة أخرى للتوالد والتكاثر، وهذا من فضل الله على الإنسان أن جعله يتطورعلميًا، ويستطيع أن يكتشف تلك الطريقة، وربما هناك طرق أخرى لم تكتشف بعد .

الاستنساخ البشري

مخاطر الاستنساخ 

المشاكل الناتجة عن محاولات الاستنساخ عديدة ومنها : تشوهات القلب والرئتين وضعف جهاز المناعة، ومشاكل في التنفس والسمنة والوفاة المبكرة والإجهاض والسرطانات.

وهناك مشكلة أخرى محتملة تتمحور حول العمر النسبي لكروموسومات الخلية المستنسخة. عندما تمر الخلايا بمراحل الانقسام الطبيعية، تتقلص أطراف الكروموسومات، التي تسمى التيلوميرات (Telomere). بمرور الوقت، تصبح التيلوميرات قصيرة جدًا لدرجة أن الخلية لم تعد قادرة على الانقسام، وبالتالي تموت الخلية.هذا جزء من عملية الشيخوخة الطبيعية التي يبدو أنها تحدث في جميع أنواع الخلايا. نتيجة لذلك، قد تحتوي الحيوانات المستنسخة التي تم إنشاؤها من خلية مأخوذة من شخص بالغ على صبغيات أقصر بالفعل من الطبيعي، مما قد يحكم على خلايا الحيوانات المستنسخة بعمر أقصر. كان لدى النعجة دوللي التي تم استنساخها من خلية نعجة عمرها 6 سنوات صبغيات أقصر من تلك الموجودة في الأغنام الأخرى في عمرها، ماتت دوللي عندما كانت في السادسة من عمرها، أي حوالي نصف متوسط ​​عمر الأغنام البالغ 12 عامًا.

الأسئلة الشائعة

هل يوجد استنساخ طبيعي؟

نعم، في الطبيعة تنتج بعض النباتات والكائنات وحيدة الخلية مثل البكتيريا، نسلًا متطابقًا وراثيًا من خلال عملية تسمى التكاثر اللاجنسي. وفيه يتم إنشاء فرد جديد من نسخة خلية واحدة من الكائن الحي الأصل.

كما تحدث أيضًا في البشر والثدييات الأخرى الحيوانات المستنسخة الطبيعية والمعروفة باسم التوائم المتطابقة. يتم إنتاج هذين التوائم عندما تنقسم البويضة المخصبة، مما ينتج عنه جنينان أو أكثر، والتوائم المتطابقة لها نفس التركيب الجيني مثل بعضها البعض، لكنهما مختلفان وراثيًا عن أي من الوالدين.

هل الحيوانات المستنسخة تتطابق مع بعضها في الشكل والسلوك؟

لا، لا تبدو الحيوانات المستنسخة متطابقة دائمًا. على الرغم من أن الحيوانات المستنسخة تشترك في نفس المادة الوراثية، إلا أن البيئة تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في كيفية ظهور الكائن الحي.

على سبيل المثال، أول قطة يتم استنساخها هي قطة كاليكو أنثى تبدو مختلفة تمامًا عن والدتها. تفسير الاختلاف هو أن لون وشكل فرو القطط لا يمكن أن ينتقل إلى الجينات. نتيجة تعطيل كروموسوم X في كل خلية من خلايا القطة الأنثوية (التي تحتوي على اثنين من الكروموسومات X).

في النهاية يجب أن نعترف بأهمية موضوع الاستنساخ وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا للوصول إلى معلومات ونتائج تفيد البشرية وتسمو بنا إلى مستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى