الإسعافات الأولية للتسمم الغذائى | الأسباب الأعراض والوقاية

برغم كون التسمم الغذائى مصطلح شائع الإستعمال, إلا أن الكثيرين منا لا يعلمون على وجه الدقة أسبابه أو طرق التعامل معه.
فكلمة تسمم فى حد ذاتها تثير الرعب فى نفس من يسمعها, لكونها ترتبط فى مخيلتنا جيعا, بالسم, أو بشكل أدق, بالموت.
ولهذا فغالبية الناس يعتقد أن جميع أنواع التسمم حالات خطيرة تستدعى الرعاية الطبية العاجلة, لإنقاذ المصاب من خطر الوفاة.
ولهذا وبرغم شيوع التسمم الغذائى, فغالبية الناس لا يعتبرونه نوعا من التسمم , نظرا لأنه من النادر أن تجد شخصا لم يتعرض له يوما ما, ومن القليل أن تجد من تسبب له هذا النوع من التسمم فى مضاعفات خطيرة أو إضطره حتى لطلب الرعاية الطبية.
لعلكم تتعجبون الآن , ولكن إذا عرف السبب, بطل العجب, فى هذا الموضوع يشرح دكتور كشكول ما هو التسمم الغذائى, وكيف يمكن التعامل معه إذا حدث , وكذلك كيف يمكن الوقاية منه وتجنب حدوثه.
ما هو التسمم الغذائى؟
التسمم الغذائى هو حالة مرضية تصيب الشخص إذا تناول طعاما ملوثا ببكتيريا ممرضة , قد ينتج هذا التلوث عن تعرض الطعام للتلف الناشىء عن سؤ التخزين أو إنتهاء مدة الصلاحية أو إهمال قواعد النظافة حال إعداد الطعام.
أى أن حالة الإعياء الشهيرة التى نعانى منها عند تناول طعام تالف أو غير نظيف , هى بالضبط , التسمم الغذائى.
لعلكم ترون معى الآن , أنه تقريبا لا يوجد منا من لم يتعرض لهذا النوع من التسمم على مدار حياته فى ظروف معينة.
وواقع الأمر أن مصطلح التسمم الغذائى فى حد ذاته لا يعد مصطلحا طبيا, فالحالة ليست ناتجة عن تناول سم, ولكنها ناتجة عن ابتلاع ميكروبات ممرضة ودخولها إلى الجهاز الهضمى للشخص, وبالتالى فالمصطلح الطبى الأصح , هو ما ندعوه جميعا, بالنزلة المعوية.
لا تتعجبوا, نعم, النزلة المعوية, هى بالضبط, التسمم الغذائى.
خطورة تسمم الغذاء
فى واقع الأمر معظم حالات التسمم الغذائى ليست بالخطيرة , ويستطيع الجهاز المناعى للجسم التغلب عليها بسهولة فى خلال من يوم إلى ثلاثة أيام على الأكثر.
ولكن هذا لا يمنع أن بعض البكتيريا قد تشكل خطرا على الإنسان إذا ما تناولها, كبكتيريا سالمونيللا التيفود المسببة لحمى التيفود, وبكتيريا الكولستريديوم بوتيلينيوم التى تسبب التسمم فى حال تناول الأسماك المملحة أحيانا أو الأطعمة المعلبة منتهية الصلاحية, والتى تفرز سما عصبيا يتسبب فى شلل عضلات المصاب وتوقف النبض والتنفس مما قد يودى بحياته وهى ما تسبب (تسمم الفسيخ) الشهير فى بعض الدول العربية وعلى رأسها مصر, حيث يتناول المصريون هذه الأكلة بكثافة عند إحتفالهم بقدوم بفصل الربيع (شم النسيم).
أسباب تسمم الغذاء
- تناول الخضروات والفواكه التى تؤكل طازجة بدون غسلها بالشكل الكافى .
- تناول أطعمة لم تراعى شروط النظافة أثناء إعدادها .
- تناول أطعمة فاسدة نتيجة مرور فترة طويلة على إعدادها .
- تناول أطعمة معلبة منتهية الصلاحية .
- إهمال تسخين الأطعمة السابق طبخها بشكل جيد قبل تناولها .
- إعداد الطعام من قبل طهاة يحملون عدوى بعض الأمراض التى تنتقل بالطعام , كالتيفود .
- إهمال تغطية الأطعمة وتعرضها للحشرات والأتربة .
- إهمال غسيل الأيدى بالماء والصابون قبل تناول الطعام , فقد تكون الأيدى ملوثة بالميكروبات التى يبتلعها الشخص مع الطعام .
- إهمال نظافة أدوات الطعام كالأطباق والملاعق والأكواب .
- إهمال بعض الأشخاص وبخاصة الأطفال لغسيل الأيدى بعد إستعمال دورات المياه .
- إهمال نظافة أدوات ومحيط الأطفال الرضع , كالألعاب وزجاجات الرضاعة ولهايات الأطفال , وأى شىء قد يضعه الأطفال فى الفم , وكذلك أيدى الأطفال أنفسهم .

أعراض التسمم الغذائى
- ألام البطن.
- الشعور بالغثيان.
- القىء.
- الإسهال.
- إرتفاع الحرارة.
- الشعور بالضعف والإعياء.
إسعاف التسمم الغذائى منزليا
- دعم المصاب بالماء والسوائل.
- تناول أقراص الفحم الطبى للمساهمة فى التخلص من بعض المواد المسببة للتسمم , إلا فى حالات الإسهال لأنه قد يزيد من شدته.
- تناول محلول معالجة الجفاف, سواء كان المصاب طفلا أو بالغا , لتعويض الجسم عن ما يفقده من الأملاح المعدنية والسوائل نتيجة القىء والإسهال , ويجب إعطاء المحلول مبردا حتى نقلل من إحتمال أن يتقيأه المصاب.
- تناول بعض الأعشاب المضادة للمغص كالنعناع, وكذلك الشاى الأسود لما له من أثر مطهر للأمعاء ومخفف للإسهال إيضا.
- قصر طعام المريض على السوائل والعصائر والحساء ومنتجات الألبان المتخمرة وخاصة فى حالة معاناة المريض من القىء والإسهال وتجنب الأطعمة الدهنية والأطعمة ثقيلة الهضم.
- إلتزام المريض بالراحة حتى زوال الأعراض.
عادة ما تنتهى أعراض التسمم الغذائى تلقائيا بإتباع تلك الإرشادات فى غضون ثلاثة أيام حين يتم طرد الطعام الملوث من القناة الهضمية , وتغلب الجهاز المناعى على البكتيريا التى تسببت فى حدوث أعراض المرض.
متى يجب نقل مصاب التسمم الغذائى إلى المستشفى
- إذا نتج التسمم عن تناول طعام معلب أو أسماك مملحة.
- إذا عانى المصاب من أعراض التنميل وضيق التنفس أو فقد وعيه.
- إذا كان التقيؤ شديدا بحيث لا يحتفظ المصاب بأية سوائل فى معدته لأكثر من ربع ساعة.
- إذا زادت مدة الأعراض عن ثلاثة أيام.
- إذا كان المصاب مريضا بأمراض مزمنة كالسكرى وإرتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والكبد والكلى.
- إذا كانت المصابة إمراة حامل.
- إذا كان المصاب طفلا رضيعا.
- إذا كان المصاب مسنا فوق 60 عاما.
- إذا كان المصاب مريضا بأمراض تعطل جهاز المناعة أو يعالج بأدوية مثبطة للمناعة.
أخطاء شائعة عند التعامل مع التسمم الغذائى
- دفع المصاب إلى التقيؤ
برغم كون تحفيز التقيؤ يساعد المصاب بالتسمم على التخلص من المادة السامة فى بعض حالات التسمم, إلا أن التسمم الغذائى عدوى ميكروبية فى الأصل, وعادة لا تظهر أعراضه قبل مرور ساعتين من تناول الطعام الملوث, وقد تتأخر عن ذلك ايضا, وبالتالى فإن الطعام المسبب للحالة يكون قد تحرك من معدة المصاب عند ظهور الأعراض, وبالتالى فتحفيز القىء لا جدوى منه فى هذه الحالة.
كما أن التسمم الغذائى يحدث القىء أصلا ضمن أعراضه, فلا حاجة لتحفيزه صناعيا.
- تناول أدوية وقف الإسهال
الإسهال فى حالة العدوى الميكروبية للجهاز الهضمي , وسيلة دفاعية يتبعها الجسم للتخلص من الميكروبات الممرضة فى الجهاز الهضمى بطردها عبر البراز , وبالتالى فوقف الإسهال يعطل التخلص من تلك الميكروبات ويطيل فترة بقائها فى الجهاز الهضمى ويطيل فترة بقاء الأعراض.
لهذا فدع جسم المصاب يتصرف بطريقته , ولكن عوض المصاب بالسوائل والأملاح لتجنيبه الإصابة بالجفاف, وأفضل طريقة لهذا هى محلول معالجة الجفاف, أما الإسهال فسيتوقف تلقائيا بإنتهاء سببه.
أو عند إستشارة الطبيب فى إعطاء المصاب مطهرات معوية أو مضادات حيوية للقضاء على البكتيريا المسببة له.
أدوية وقف الإسهال, لا تعالج المصاب وإنما تطيل فترة إصابته, وعادة ما يعود الإسهال فور إنتهاء مفعول الأدوية التى كانت توقفه.
- تغذية المصاب على أطعمة دسمة ثقيلة الهضم
فى حالة التسمم الغذائى , يكون الجهاز الهضمى للمصاب ملتهبا مرهقا, فاقدا للقدرة على القيام بوظائفه بالشكل السليم , وبالتالى فهو لا يحتاج إلى تحميله أعباء هضم وجبات ثقيلة دسمة , فهذا يزيد من إلتهابه ويطيل فترة تعافيه.
فينبغى فى حالة الإصابة بأعراض هضمية , أن يكون الطعام خفيفا خاليا من الدهون سهل الهضم , وأن يعتمد على الطعام السائل وشبه السائل , كالعصائر والحساء والألبان المتخمرة , إلى أن تنتهى أعراض التسمم ويستعيد المصاب شهيته , فيعود تدريجيا إلى تناول الطعام العادى .
الوقاية من التسمم الغذائى
كما إستعرضنا من خلال هذا الموضوع , فإن التسمم الغذائى من الحالات شائعة الحدوث, إلا أن الوقاية من حدوثه ممكنة للجميع, ولتجنب الإصابة بالتسمم الغذائى ينصحك دكتور كشكول بإتباع تلك النصائح:
- الحرص على نظافة الطعام والشراب.
- الحرص على غسيل الخضروات والفواكه التى تؤكل طازجة قبل تناولها.
- الحرص على نظافة أوانى وأدوات الطعام الشراب وغسلها بالماء والصابون قبل إستعمالها.
- عدم إستعمال السكين ولوح التقطيع المستخدمين فى تقطيع اللحوم النيئة فى تقطيع الخضروات الطازجة والفواكه قبل غسيلها جيدا بالماء والصابون, أو تخصيص سكين ولوح تقطيع لكل منهما.
- تسوية اللحوم والأسماك جيدا قبل تناولها وتجنب تناول اللحوم النيئة أو الغير مكتملة التسوية.
- تجنب تناول الأسماك المملحة ومنتجات اللحوم والدواجن والأسماك النيئة.
- الحرص على إنتقاء الثمار السليمة الطازجة عند شراء الخضروات الطازجة والفواكه.
- شراء اللحوم والدواجن والأسماك من الأسواق المرخصة المراقبة.
- الحرص على غسيل الأيدى بالماء والصابون قبل إعداد الطعام وقبل تناوله وبعد إستعمال دورة المياه.
- الحرص على الإلتزام بفترة صلاحية المنتجات المعلبة وشروط تخزينها وتداولها السليمة.
- الحرص على تسخين الأطعمة جيدا وتقليبها أثناء التسخين, قبل تناولها.
- الحرص على تغطية الأطعمة وحفظها مبردة حتى يتم إستعمالها.
- الحرص على مكافحة الحشرات والقوارض وناقلات الأمراض فى أماكن إعداد الطعام.
- الحرص على قص أظافر الأطفال ونظافة أيديهم وألعابهم وأدواتهم ومحيطهم الخارجى.
- عدم قيام المرضى بأمراض معدية بإعداد الطعام أو تقديمه, كما يجب على جهات المراقبة الصحية فحص العاملين فى إعداد الأطعمة بإنتظام لضمان خلوهم من الأمراض المعدية.
- عدم تناول أطعمة الباعة الجائلين أو تناول الطعام فى الأماكن غير المراقبة والمرخصة.
- إبلاغ الجهات المسئولة عن أماكن بيع الأطعمة التى سببت لمتناوليها تسمما غذائيا ليقوموا بإتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها لتجنيب الآخرين التعرض للتسمم بمنتجاتها.
وبالطبع, لا ننسى نصحك بإستشارة الطبيب فى حالة تعرضك لحالة تسمم غذائى, خاصة إن كانت الأعراض شديدة أو إستمرت لفترة طويلة أو عادت للظهور مرة أخرى بعد شفائها.