الإدراك الحسي | تعريفه وأنواعه وشروطه

الإدراك الحسي عبارة عن عمليات متتالية يستخدمها العقل لتفسير المؤثرات التي تستقبلها حواسنا في كل لحظة. هذه العملية لا إرادية وتحدث الآلاف المرات يوميًا، ويستخدمها العقل لمعرفة العالم الخارجي وما به من أشياء مادية، ومعنوية ولكي يحدث ذلك لا بد من أن يتوفر شرطان : الذات العارفة أو الوعي، الموضوع المعروف أو الشيء.
ما هو الوعي؟
الوعي عبارة عن ثلاثة اتجاهات، فعل الوعي:
- فى الماضي ويسمى الذاكرة.
- فى المستقبل ويسمى التخيل.
- فى الحاضر ويسمى الإدراك.
ما هو الإدراك؟
يُعرّف ابن سينا الإدراك سواءً كان حسيًا، أو عقليًا أنَّه حقيقة الشيء متمثلة عند المدرك يشاهدها بما هو يدرك.
فإن كان حسيًا فهو امتثال صور المحسوسات في الحواس، وإن كان عقليًا فهو امتثال صور المعقولات في العقل.
ما هو مفهوم الحس؟
الإحساس هو ظاهرة بسيطة، وأولية، فهو أبسط درجات الإدراك، وأول عناصر الشعور، ولكنه مع بساطته يحتاج إلى اشتراك عناصر مختلفة لحدوثه.
ما هي عناصر الإحساس؟
المحسوس الخارجي (Exitant)
يقول ابن سينا: ليس لنا أن نحس بملكة الحس مطلقًا، بل إذا حضر المحسوس وقابلنا بالحاسة، أو قربنا منه الحاسة.
بمعنى، أنّه يشترط في حدوث الإدراك الحسي وجود مؤثر، وأن يؤثر هذا المحسوس في الحس ليحدث الإحساس.
التأثير (Excitation)
لا يكفي لحدوث هذا العنصر أن يكون المحسوس حاضرًا فقط بل يجب أن يتوفر فيه شرطان:
- وجود مؤثر خارجي وأن يؤثر في الحس فمثلاً: نحن لا نحس بالحرارة البعيدة لأنَّها لم تؤثر في الحس.
- اختلاف عضو الحس والمحسوس في الكيفية، فإن كان الحس والمحسوس ساخنين مثلاً فلا يحدث الحس، بل يجب أن يكون هناك تضاد في الكيفية أحدهما باردًا، والآخر ساخنًا.
الوسط
مثل الهواء والماء فهو وسط جيد للحواس كلها عدا حاسة اللمس، اللمس يحس بالملامسة المباشرة بينه وبين الملموس، والماء هو وسط الذوق.
إدراك الملائم والمنافي، أو اللذة والألم فى الإحساس
فإن كان الإدراك الحسي يعيد المزاج للطبيعي فهو إدراك الملائم، أو إدراك اللذة، وإن كان يغير المزاج فهو إدراك المنافي، أو إدراك الألم.

ما الفرق بين الإدراك الحسي والحس الخاص؟
الحواس هي منافذ الإنسان على العالم الخارجي، والدماغ هو القائد الذي يتلقى الصور القادمة من الحواس، وهذا هو الحس الخاص، وهو إحساس مستقبل من الحاسة بعينها فمثلا تقوم العين بالتقاط الصورة، والأذن بسمع الأصوات المحيطة، وترسلها للدماغ عن طريق الوصلات العصبية، ثم تأتي العملية الثانية Perception فتقوم بتحليل المعلومات وربطها بالمعلومات السابقة لدى المخ، الذاكرة، وتحول الإحساس الذي لا معنى له إلى إحساس ذى معنى.
فالإدراك الحسي هو إعطاء معنى ودلالة على الصور القادمة من الحواس.
اقرأ أيضًا: اضطراب الشخصية النرجسية | التعريف والأعراض وطرق العلاج
ما هي أنواع المحسوسات؟
المحسوسات كما قسمها ابن سينا، إما إحساس بالذات، أو إحساس بالعرض، أو مايسمى إدراكاً حسيًا مكتسبًا، أو محسوس خاص، أو محسوس مشترك.
المحسوس بالذات
فهو الذي تحدث منه كيفية في الآلة الحاسة مشابهة بما فيه فيحس.
فمثلًا نقول: أبصرت اللون الأصفر فهذا محسوس بالذات. أما المحسوس بالعرض فليس محسوسًا يؤثر في الحس ويتأثر عنه الحس.
فمثلًا نقول: أبصر محمد لأن البصر لا يتأثر من حيث هو فلان وإنما يتأثر من حيث هو أصفر.
المحسوسات الخاصة
وهي الكيفيات الحسية الخاصة بكل حاسة، وهي الذي تحسه حاسة معينة بعينها ولا تحسه غيرها. فالمحسوس الخاص للمس هو الكيفيات الملموسة مثل الحرارة والبرودة، والمحسوس الخاص للذوق هو الطعوم مثل الحلو والمر، والمحسوس الخاص للشم هو الروائح، والمحسوس الخاص للسمع هو الأصوات، والمحسوس الخاص للبصر هو الألوان.
المحسوسات المشتركة
تكون بين الحواس الظاهرة جميعها، وهي الشكل، والعدد، والمقدار، والحركة، والسكون. فكما أن اللمس يدرك الكيفيات الملموسة، فهو يدرك أيضًا الشيء الحاصل على هذه الكيفيات الملموسة، ويدرك مقداره، وعدده، وحركته، وسكونه، فالحركة مثلًا يحسها اللمس والبصر معًا.
ما هي الشروط الفسيولوجية للإحساس؟
يشير ابن سينا في أبحاثه النفسية إلى العلاقة بين العمليات النفسية-الجهاز العصبي- والعمليات البدنية، فهناك تأثير متبادل بين النفس والبدن وهو ما يسمى بعلم النفس الفسيولوجي(Physiological Psycholog)، فإن كان الإحساس يقع بذاته؛ لكان البدن وما به من أعضاء معطلين لا نفع بهم.
عزيزي القارئ، الإدراك الحسي بالطبع أوسع وأعمق مما يتحمله مقال واحد، ولكن هذا المقال ما هو إلا مدخل يمكنك من خلاله الإلمام بالمفاهيم العامة للموضوع، فإذا كان المقال قد أثار اهتمامك وتتشوق لمعرفة ما هو أكثر، فلتبحث عما يلائمك من المصادر المفصلة، واستمتع بالغوص في بحر المعرفة اللا نهائي.