ما هي الأشعة التداخلية؟ وما فوائدها ومخاطرها؟

يسعى العلم دائمًا إلى إيجاد حلول لكافة المشكلات يومًا بعد يوم، ومن أبرز هذه المشكلات كثرة اللجوء إلى العمليات الجراحية الكبيرة والمؤلمة والتي قد تسبب مضاعفات خطيرة، وتحتاج إلى فترة تعافي كبيرة حتى يستعيد المريض نشاطه السابق، ومع تطور الأجهزة الطبية والتكنولوجيا الحديثة بدأ التفكير في بدائل تحد من التدخل الجراحي وتعريض المريض للخطر، مثال على ذلك الأشعة التداخلية التي أثبتت نجاحها في تشخيص وعلاج العديد من الأمراض، وهذا ما سنعرفه بالتفصيل في هذا المقال.
ما هي الأشعة التداخلية؟
تعد الأشعة التداخلية من أحدث الطرق المستخدمة حاليًا لتشخيص وعلاج الأمراض، مثل أورام الكبد والقنوات المرارية والجلطات والسكتات الدماغية والنزيف المخي وغيرها دون الحاجة لإجراء عمليات جراحية كبرى، وذلك عن طريق إدخال أدوات صغيرة مختلفة مثل الإبر والأنابيب والقسطرة من خلال شقوق صغيرة في الجسم لا تتعدى 2-5 مم، وتساعد تقنيات عدّة، مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية في توجيه اختصاصي الأشعة أثناء القيام بالأشعة التداخلية نحو الموقع المراد علاجه.
استخدامات الأشعة التداخلية
- تصوير الأوعية الدموية: وهي أشعة سينية للشرايين والأوردة تستخدم للعثور على أي انسداد أو ضيق في الأوعية أو أي مشاكل أخرى.
- قسطرة الأوعية الدموية: يضع الطبيب قسطرة صغيرة ذات رأس بالوني في الوعاء الدموي ثم يقوم بنفخ البالون لفتح منطقة الانسداد داخل الوعاء.
- الانصمام: يضع الطبيب مادة من خلال قسطرة في الوعاء الدموي لوقف تدفق الدم عبر هذا الوعاء للسيطرة على النزيف.
- أنابيب فغر المعدة: يضع الطبيب أنبوب تغذية في المعدة في حالة عدم التمكن من تناول الطعام عن طريق الفم.
- الموجات فوق الصوتية داخل الأوعية الدموية: يستخدم الطبيب الموجات فوق الصوتية للرؤية داخل الأوعية الدموية للعثور على أية مشاكل.
- وضع الدعامة: يضع الطبيب الدعامة داخل الوعاء الدموي في موقع الانسداد ثم يقوم بتوسيع الدعامة لفتح الانسداد.
- إزالة الأجسام الغريبة: يضع الطبيب قسطرة في الوعاء الدموي لإزالة الجسم الغريب من الوعاء.
- خزعة بالإبرة: يضع الطبيب إبرة صغيرة في أي جزء من الجسم تقريبًا مسترشدًا بتقنيات التصوير لأخذ خزعة من الأنسجة، ويمكن لهذا الإجراء أن يعطي تشخيصًا دون اللجوء للجراحة، ومثال على هذا الإجراء خزعة الثدي.
- مرشح الوريد الأجوف السفلي: يضع الطبيب مرشحًا صغيرًا في الوريد الأجوف السفلي (IVC) وهو وريد كبير يقع في البطن ليلتقط الجلطات دموية التي قد تدخل في الرئة.
- حقن الأدوية المذيبة للجلطات: يقوم الطبيب بحقن الأدوية المذيبة للجلطات مثل منشط بلازمينوجين النسيجي، وهذا الدواء يقوم بإذابة الجلطات ويزيد من تدفق الدم إلى الذراع أو الساق أو باقي الأعضاء.
- مدخلات القسطرة: يضع الطبيب القسطرة في الوريد لإعطاء العلاج الكيميائي أو للتغذية أو لغسيل الكلى، وقد يضع أيضًا قسطرة قبل عملية زرع نخاع العظام.
- علاج السرطان: يقوم الطبيب بإدخال علاج السرطان مباشرةً في موقع الورم.
ما هي مميزات الأشعة التداخلية؟
إن للأشعة التداخلية مميزات عديدة من أهمها:
- غالبًا ما يستطيع المريض مغادرة المستشفى في نفس اليوم بعد الإجراء.
- اجتناب العديد من المضاعفات التي تسببها العمليات الجراحية الكبيرة، لذا فهي أكثر أمانًا للمريض.
- لا تحتاج إلى تخدير كلي وهذه ميزة كبيرة للمرضى الذين لا يتحملون التخدير لأسباب طبية.
- تتم عن طريق فتحات صغيرة في الجسم فلا تسبب ألمًا مثل الذي تسببه العمليات الجراحية الكبيرة.
- فترة تعافي سريعة حيث يمكن للمريض العودة إلى حياته الطبيعية في وقت قصير.
المخاطر
يمكن أن تتسبب الأشعة التداخلية في حدوث أضرارًا مثل أي إجراء طبي، منها: حدوث نزيف أو عدوى، ولكن هذه المخاطر لا تذكر مقارنةً بالإجراءات الأخرى.
العيوب
من أبرز عيوب الأشعة التداخلية هي تكلفتها الباهظة الثمن بسبب الأجهزة المستخدمة فهي أغلى بكثير من العمليات الجراحية المعتادة، وهي أيضًا تعتمد بشكل كبير على مهارة الطبيب، غير أنها لا تصلح لجميع العمليات فهي أثبتت كفاءتها في عدد محدود من العمليات كما ذكرنا من قبل.

الأشعة التداخلية لدوالي الخصية
يتم إدخال قسطرة صغيرة في وريد الساق بالقرب من وريد الورك أو الرقبة من خلال شق جلدي صغير، ويتم وضع هذا الأنبوب في دوالي الخصية من خلال الأشعة السينية، تحقن كميات صغيرة من صبغة الأشعة السينية لتأكيد موضع القسطرة، ثم يتم إدخال لفائف صغيرة مصنوعة من الفولاذ أو البلاتين أو البالونات أو مواد أخرى في الوريد لإيقاف التدفق الخلفي أو الضغط في الدوالي ويخرج الدم من الخصية عبر مسارات طبيعية أخرى. وبمجرد التأكد من عدم وجود تدفق في الوريد المصاب تتم إزالة القسطرة.
الأشعة التداخلية للرحم
تستخدم الأشعة التداخلية لعلاج أورام الرحم الليفية وهي أورام حميدة تنمو داخل جدار الرحم ومن أسبابها: عامل الوراثة وزيادة الوزن وزيادة هرمون الاستروجين، وتحدث في الفترة العمرية من 35-50 سنة.
ويعتبر علاج أورام الرحم الليفية عن طريق قسطرة الرحم باستخدام الأشعة التداخلية من أحدث الوسائل وأكثرها أمانًا على عكس العمليات الجراحية التي من الممكن أن تؤدي إلى أضرار بالغة مثل إزالة الرحم.
يتم علاج الأورام عن طريق إدخال القسطرة التداخلية من خلال شق صغير يبلغ حوالي 2 مم لإغلاق الشريان المغذي للورم الليفي مما يؤدي إلى ضموره وعدم نموه دون الحاجة إلى تخدير كلي مما يجعل عملية التعافي سريعة.
الأشعة التداخلية للكبد
تعتبر الأشعة التداخلية للكبد من أهم الوسائل المستخدمة لتشخيص وعلاج العديد من أورام الكبد وذلك عن طريق العديد من العلاجات مثل الانصمام الكيميائي الذي يعمل على إيصال العلاج الكيميائي مباشرة إلى الورم لإغلاق الإمداد الدموي له عن طريق القسطرة وأيضًا الانصمام الإشعاعي الذي يقوم بإيصال العلاج الإشعاعي مباشرة إلى الورم عن طريق استهداف الأوعية الدموية الخاصة بالورم دون الإضرار بالخلايا السليمة المحيطة به.
الأشعة التداخلية للبروستاتا
مرض تضخم البروستاتا هو حالة طبية شائعة في الرجال مع تقدم العمر والذي من الممكن أن يؤدي إلى انسداد تدفق البول خارج المثانة وأيضًا مشكلات أخرى بالمثانة أو الجهاز البولي أو الكلى.
ويتم علاج هذا المرض بواسطة الأشعة التداخلية عن طريق إدخال قسطرة تحمل جزيئات صغيرة من خلال المعصم أو الفخذ إلى الأوعية الدموية المتصلة بالبروستاتا لتقلل تدفق الدم إليها بمساعدة الأشعة السينية، فبالتالي تحد من تضخمها دون الحاجة للجوء لعملية جراحية كبيرة.
التحضيرات اللازمة
- لا تأكل أو تشرب بعد منتصف الليل قبل العملية.
- لن يسمح لك بالقيادة بعد الإجراء.
- اسأل طبيبك عن التوقف عن تناول الأسبرين أو مميعات الدم قبل سبعة أيام من إجراء العملية.
- إذا كنت مريضًا بالسكري، فتحدث إلى طبيبك عن جرعة الأنسولين.
- يستحسن الاستحمام في المساء قبل أو صباح العملية.
- أحضر معك جميع الأدوية التي تتناولها.
كم من الوقت تستغرق الأشعة التداخلية؟
يختلف الوقت المستغرق حسب الإجراء وكذلك سن المريض ووزنه فغالبًا ما تستغرق العملية من 15 إلى 30 دقيقة، أما العمليات الكبيرة والمعقدة فمن الممكن أن تستغرق من 2 إلى 4 ساعات.
وفي النهاية يمكننا القول بأن الأشعة التداخلية أحدثت طفرة هائلة في عالم الأشعة وساعدتنا في تطوير سبل العلاج للعديد من الأمراض دون التدخل الجراحي المؤلم وبطريقة آمنة تمامًا، كما أنها حققت نسب نجاح عالية تصل إلى 90% في أمراض عديدة، ونأمل أن يؤدي هذا التطور إلى علاج المزيد من الأمراض في المستقبل.