اضطراب الشخصية التجنبية | أعراضه وتأثيراته الاجتماعية

إن كنت تعاني من الخجل الشديد الذي يؤثر بدوره على حياتك الاجتماعية ويحد من علاقاتك مع الآخرين، أو إن كنت تعرف أحدًا يعاني من الانطواء وتجنب الاختلاط بالزملاء والأقران في مجال الدراسة أو العمل، فقد يكون ذلك أحد المؤشرات التي تنبئ باحتمالية أن يكون هذا الشخص مصابًا باضطراب الشخصية التجنبية.
فلنتعرف على هذا الاضطراب، ومن ثم معرفة أعراضه التي تظهر على المصاب والتي توجب التوجه للطبيب المختص، وأيضًا سنتعرف على تأثيره السلبي على الشخص المصاب من الناحية الاجتماعية إذا لم يتخذ خطوات جادة في سبيل علاجه والتحرر منه.
اضطراب الشخصية التجنبية
يعتبر هذا الاضطراب أحد الاضطرابات الشخصية التي تجعل الشخص المصاب به يتجنب الاختلاط والتعامل مع محيطه الاجتماعي بشكل طبيعي. لا يوجد سبب محدد للإصابة به، يفترض بعض المختصين أن للجينات دور في الإصابة به، حيث لوحظ ظهور حالات في نفس العائلات التي لديها تاريخ عائلي في الإصابة. تلعب العوامل البيئية أيضًا دورًا في الإصابة، حيث يرجح أن الشخص المصاب قد يكون من الذين تعرضوا للرفض من أحد الأبوين أو التنمر من الأقران والأصدقاء في مرحلة ما.
الجدير بالذكر أن النساء أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية التجنبية من الرجال. يعاني المصاب بهذا الاضطراب من الخوف المزمن من الرفض أو النقد أو عدم القبول، فيلجأ إلى تجنب إنشاء علاقات مع الآخرين إلا في حالة التأكد من قبوله لديهم، لأنه غالبًا ما يرغب من تكوين علاقات لكن الخوف من الرفض هو ما يمنعه من التجاوب مع هذه الرغبة.
تعرف أيضًا على: اضطراب القلق الاجتماعي | الرهاب الاجتماعي – أعراضه وكيفية علاجه.
أعراض اضطراب الشخصية التجنبية
يعاني مصاب اضطراب الشخصية التجنبية من العديد من الأعراض، بعضها يكون ملحوظًا لمن حوله والبعض الآخر لا يلاحظه المحيطين بالمصاب ولكنه يظل شعورًا داخليًا يشعر به المصاب بنفسه. يمكن جمع الأعراض التي ترجح الإصابة بهذا الاضطراب في الشخصية فيما يلي:
- تفضيل العزلة والانطواء بعيدًا عن زملاء العمل أو الدراسة.
- الشعور بالتوتر والعصبية في التجمعات الاجتماعية.
- الشعور بالدونية وبانخفاضٍ في تقدير الذات.
- تجنب القيام بأمر جديد أو تجربة شيء غير معتاد.
- تضخيم للمشكلات المحتملة في أي موقف يتطلب التعامل مع الآخرين.
- تضخيم الخوف من الوقوع في الأخطاء والشعور بالخجل الشديد والإحراج.
- الحساسية المفرطة تجاه النقد وعدم التقبل.
- ظهور اضطرابات في المواقف الاجتماعية كاحمرار الوجه والتلعثم عند الحديث.
- لديه القليل من الأصدقاء إن لم يكن بلا صداقات تمامًا في بعض الأحيان.
- لا يميل إلى الانخراط مع الأقران إلا إذا تأكد من تقبلهم له.
- يجد صعوبة في تصديق أن شخصًا يحبه أو يتقبله.
وبالرغم من كل ما يعانيه مصاب هذا الاضطراب من أعراض نفسية حادة، إلا أن أهم ما يميز مريض اضطراب الشخصية التجنبية هو أنه يعاني من رغبتين متناقضتين تمامًا، حيث يرغب المصابون بشدة في تكوين علاقات وصداقات جيدة مع المحيطين بهم ويعانون من وحدتهم ولكن خوفهم من الرفض يجعلهم يميلون أكثر إلى العزلة وتجنب التواصل الاجتماعي.

التأثير الاجتماعي على مصاب الشخصية التجنبية
يجب على المصاب إذا لاحظ الأعراض المذكورة أن يلجأ إلى طلب المساعدة والدعم النفسي من المختصين. يمكن علاج وتحسين أعراض هذا الاضطراب سواء بالجلسات النفسية أو التدخل الدوائي عند الحاجة، وذلك حتى يتجنب المصاب التأثير السلبي لهذا الاضطراب على حياته وأنشطته اليومية.
سنعرض الآن أهم مخاطر تجنب علاج الشخصية التجنبية والتأثير السلبي لعدم علاجه من الناحية الاجتماعية للشخص المصاب، إلا أنه يجب القول إن المصابين بهذا الاضطراب أكثر ميلًا لتلقي العلاج والمساعدة وذلك بسبب رغبتهم الملحة في تكوين العلاقات والتواصل مع الآخرين. وتتلخص التأثيرات السلبية فيما يلي:
- الوحدة والانعزال: وهو بدوره سيكون سببًا في الدخول إلى مشاكل نفسية أكبر كالاكتئاب.
- مشاكل علاقات الحب والزواج: يميل الشخص التجنبي إلى الحب والزواج، ولكن تظهر المشاكل بعد فترة حيث يهرب المصاب من المواقف التي يتم فيها الحكم عليه وعلى كفاءته بسبب الخوف من الرفض والسخرية.
- صعوبات بيئة العمل: بداية من تجنب الخضوع إلى المقابلات الشخصية والتوتر عند إجرائها وحتى صعوبة التواصل مع زملاء العمل إذا ما حصل على وظيفة.
- الصعوبات الدراسية: فيتجنب الطالب طلب المساعدة فيما لا يستطيع فهمه، وأيضًا قد يتجنب المشاركة في الأنشطة الجماعية.
- الإصابة ببعض الأمراض: كاضطرابات النوم والاكتئاب وأمراض القلب والسكري وأيضًا ارتفاع ضغط الدم، وصولًا إلى الإصابة ببعض أنواع السرطانات.
ولتجنب كل تلك التأثيرات الاجتماعية السلبية والصعوبات يجب التوجه للمختص للتشخيص حيث قد تتشابه أعراض هذا الاضطراب مع بعض الاضطرابات الشخصية الأخرى كالرهاب الاجتماعي. يقوم المختص بعمل الاختبارات والمقابلات الشخصية اللازمة لتحديد التشخيص بدقة وبدء خطوات العلاج.
للمزيد اقرأ: الشخصية التجنبية | أعراضها وأسبابها وكيفية التعامل معها.
إن اللجوء لعلاج اضطراب الشخصية التجنبية لا يعني أن الشخص سيتحول إلى شخص اجتماعي سريع في تكوين العلاقات، حيث إن العلاج لا يمكن أن يؤدي إلى تغير جذري في طبيعة الفرد. من المرجح أن يظل الشخص خجولًا لكنه بالقطع سيعمل على تحسين الأعراض بحيث لا تؤثر على ممارسة الشخص للأنشطة اليومية المعتادة وسيساعده في تكوين علاقات صحية مع المحيطين به.