أعراض ارتجاع المرئ وأسبابه

ارتجاع المرئ من أكثر مشكلات الجهاز الهضمي شيوعا فى جميع أنحاء العالم, حيث يصيب حوالى 15% من الأشخاص البالغين فى الولايات المتحدة, كما يصيب أكثر من 30% من سكان العالم البالغين تقريبا.
وهو من الأعراض المزعجة التى تؤثر على جودة حياة المريض, كما أن بقائه بلا علاج يهدد بمضاعفات خطيرة على المدى البعيد.
عن ارتجاع المرئ ومسبباته وأعراضه يدور هذا الموضوع من موضوعات دكتور كشكول لنتعرف معا عن قرب على تلك المشكلة الشائعة.
ما هو ارتجاع المرئ؟
تفرز المعدة حامض الهيدروكلوريك من أجل هضم الطعام وتفكيك مكوناته إلى صورة يسهل على الجسم امتصاصها والإستفادة منها.
وللمعدة عضلة عاصرة قوية فى قمتها تغلقها بإحكام فتمنع رجوع الحمض من المعدة إلى المرئ.
والمرئ هو أنبوب عضلي مهمته نقل الطعام والشراب من الفم إلى المعدة مرورا بالصدر, وطبيعة الأمر أن الطعام والشراب يمران من خلاله إلى المعدة فى اتجاه واحد, حيث تمرر عضلة فتحة الفؤاد فى قمة المعدة الطعام إلى داخل المعدة ثم تنغلق فتمنع ارتداده إلى المرئ مرة أخرى.
وارتجاع المرئ ببساطة هو حالة يرتد فيها حامض المعدة إلى المرئ نتيجة لإرتخاء يحدث فى عضلة فتحة الفؤاد, فتحدث أعراض مزعجة نتيجة لذلك, لأن جدار المرئ ليس مؤهلا للتعامل مع حامض المعدة مثل جدار المعدة.
أعراض الإرتجاع المريئي المعدي
فى بعض حالات ارتجاع المرئ لا يشعر المريض بأعراض ملفتة للنظر فيما يعرف بإرتجاع المرئ الصامت, ولكن فى غالبية الحالات يشعر المريض بأعراض مزعجة نتيجة ارتجاع المرئ, من أهم تلك الأعراض ما يلى:
1. حرقة الصدر
من أشيع أعراض الإرتجاع المريئي المعدى التى لا يوجد تقريبا من لم يعاني منها بشكل طارىء يوما ما, وهو الشعور بإحساس حارق عبر الصدر عقب تناول الوجبات, وعادة ما يتعامل معه المرضى بمضادات الحموضة الشائعة التى تصرف بدون وصفة طبية.
2. القلس
وهو ارتداد محتويات المعدة إلى الصدر, وخاصة عند اتخاذ وضعية الركوع أو السجود أو النوم أو أية وضعية تستوجب الإنحناء.
وقد يصل الأمر مع بعض المرضى إلى خروج محتويات المعدة من الفم فى حالة الإنحناء.
3. السعال المزمن
قد يكون هذا العرض غريبا بالنسبة للعديد ممن يعانون من السعال, فهم لا يتوقعون أن سعالهم المستعصي على العلاج ربما كان سببه ارتجاع أحماض المعدة إلى المرئ اثناء النوم.
حيث تمر الأحماض الكاوية إلى الحنجرة والقفص الصدرى فتهيج الحنجرة والصدر, وتتسبب بسعال مزمن يستعصي على العلاج بمضادات السعال المعتادة, حيث أن المريض لا يعلم أن سبب السعال لا يكمن فى الجهاز التنفسي وإنما مصدره الجهاز الهضمي, وبالتالى لا يسير فى الإتجاه الصحيح للعلاج فتبقى المشكلة قائمة.
4. بحة الصوت
نعم عزيزى القارىء, فبحة الصوت قد تكون من أعراض ارتجاع المرئ, حيث تتسبب الأحماض الراجعة من المعدة فى التهاب الحنجرة والأحبال الصوتية, فتؤدى إلى بحة وتغير فى الصوت, ويكون ذلك ملحوظا أكثر بعد الإستيقاظ من النوم.
5. تآكل الأسنان
يحدث ذلك نتيجة ارتداد أحماض المعدة إلى الفم أثناء النوم, فتتسبب تلك الأحماض فى تآكل مينا الأسنان, مما يصيب الأسنان بالضعف والتآكل بمرور الوقت وقد يصل الأمر إلى سقوط الأسنان.
6. رائحة الفم الكريهة
ارتداد أحماض المعدة إلى الفم أثناء نوم المريض يؤدى إلى تهيج والتهاب أغشية الفم, مما يسهل إصابتها بالعدوى البكتيرية والفطرية, فتنتج عن ذلك مشكلة رائحة الفم الكريهة وتغير طعم الفم, وشعور المريض بطعم لاذع حامض بالفم بعد الإستيقاظ من النوم حتى وإن كان حريصا على نظافة الفم والأسنان قبل النوم.
7. غصة النوم
الشعور بالغصة والإختناق الذى يجعل المريض يستيقظ من نومه فزعا يسعل بشدة من أشيع أعراض ارتجاع المرئ.
حيث يتسبب الإرتداد المريئي المعدى فى نفاذ أحماض المعدة عبر الحنجرة, مما يصيب المريض بالغصة والإختناق والسعال الشديد الذى يوقظه من نومه فزعا.
درجات ارتجاع المرئ
ينقسم ارتجاع المرئ إلى عدة درجات تبعا لشدة الحالة, ويمكن تقسيم تلك الدرجات إلى:
- ارتجاع المرئ الطفيف: وهو ارتجاع المرئ الذى يحدث على فترات متباعدة, لا تزيد عن مرتين أسبوعيا وربما أقل من ذلك.
- ارتجاع المرئ المعتدل: وهو حدوث أعراض ارتجاع المرئ أكثر من مرتين أسبوعيا.
- ارتجاع المرئ الشديد: وهو حدوث ارتجاع المرىء يوميا, وعدم توقف حدوثه على حالة النوم وإنما يحدث فى حال اليقظة أيضا.
- ارتجاع المرئ المصحوب بمضاعفات: وهو حالة مثيرة للقلق يكون الإرتجاع المريئي مصحوبا بمضاعفات كصعوبة البلع, ونقص الوزن وفقر الدم(الأنيميا), وهو من الحالات التى لا يجب التهاون فيها وتستوجب سرعة مراجعة الطبيب.
أسباب ارتجاع المرئ
لإرتجاع المرئ أسباب متعددة, منها ما يتعلق بحالة صحية معينة لدى المريض ومنها ما يتعلق بنظام حياة المريض, ونذكر من تلك الأسباب ما يلى:
1. السمنة
تعد السمنة وبخاصة سمنة البطن من أهم أسباب ارتجاع المرئ, حيث تشكل سمنة البطن ضغطا على الأعضاء الداخلية ومنها المعدة, مما يتسبب فى ارتجاع محتويات المعدة عبر المرئ, وكلما زادت شدة السمنة زادت حدة مشكلة ارتجاع المرىء, فقد تحدث أثناء النوم أو الإنحناء فقط, وقد تحدث فى جميع أوقات اليوم فى حالات السمنة الشديدة.
2. جرثومة المعدة
الإصابة بجرثومة المعدة قد تؤثر على كفاءة إغلاق صمام مدخل المعدة, مما يتسبب فى ارتجاع محتويات المعدة إلى المرىء, وفى كثير من الحالات يكون ارتجاع المرئ هو العرض الوحيد للإصابة بجرثومة المعدة فلا يشكو المريض إلا من حرقة الصدر بعد تناول الطعام.
3. طبيعة غذاء المريض
الأطعمة السكرية على سبيل المثال تتسبب فى ارتخاء عضلة مدخل المعدة(الفتحة الفؤادية للمعدة) فتسبب ارتجاع المرىء.
كذلك من شأن بعض الأطعمة التسبب بإرتفاع حموضة المعدة بشكل كبير كالأطعمة الحريفة والدسمة والمشروبات الغازية والكافيين, فيؤدى ارتفاع حموضة المعدة إلى ظهور حالة ارتجاع المرئ.
وتعد طبيعة الغذاء من أكثر أسباب ارتجاع المرئ شيوعا, وبعض الناس لا يعلم له سببا غيرها, وفى المعتاد يتعامل معها المريض بتناول الأدوية المضادة للحموضة والتى تباع بدون وصفة طبية للتعامل مع الحالة لاسيما إن كانت تحدث بشكل طارىء.
4. التدخين
التدخين من أهم أسباب ارتفاع حموضة المعدة والتهاب جدار المعدة وضعف العضلة الغالقة لفم المعدة, والذى يؤدي فى نهاية الأمر إلى ارتجاع المرئ.
5. الحمل
يرتبط ارتجاع المرئ بالحمل ارتباطا وثيقا ولا سيما ابتداء من الثلث الثانى من الحمل, وتزداد الأعراض حدة كلما تقدم الحمل وزاد حجم الجنين, حتى أنه قد عرفت بعض المعتقدات الشعبية التى تفسر حالة حرقة الصدر التى تعانيها الحامل, مثل نمو شعر الجنين, أو كون المرأة حامل بولد أو حامل ببنت.
وواقع الأمر أن ارتجاع المرئ اثناء الحمل من الظواهر العادية التى لا تستوجب القلق, حيث أن الرحم يضغط على المعدة مما يؤدى إلى اندفاع محتوياتها إلى الصدر وحدوث حالة الإرتجاع لا سيما اثناء النوم.
وعادة ما يتم التعامل مع ارتجاع المرئ المصاحب للحمل بتعديل النظام الغذائي للحامل مع بعض الإجراءات البسيطة, ومضادات الحموضة التى تصلح للحوامل.
6. مضاعفات بعض الأمراض
بعض الأمراض كقرحة المعدة أو داء السكري أو الأمراض العصبية, تؤثر على حركة المعدة وتؤثر على قوة العضلة العاصرة المسؤولة عن غلق الفتحة بين المعدة والمرئ مما يؤدى إلى ظهور مشكلة ارتجاع المرئ.
7. الأثر الجانبي لبعض الأدوية
بعض الأدوية من آثارها الجانبية ارتفاع حموضة المعدة, أو ارتخاء عضلات المعدة والمرئ, أو تشجنات المعدة والمرىء, مما يجعل من ارتجاع المرئ اثرا جانبيا محتمل الحدوث.
ومن أمثلة تلك الأدوية بعض المسكنات والمضادات الحيوية وأدوية ارتفاع ضغط الدم والأدوية النفسية وبعض المكملات الغذائية والأعشاب.
8. عادات المريض
قد تحدث مشكلة ارتجاع المرئ فى كثير من الأحيان بسبب العادات الغذائية والحياتية للمريض, كاعتياد المريض تناول وجبات غذائية أكبر من اللازم, أو اعتياده النوم بعد تناول الطعام مباشرة, أو اعتياده تناول المشروبات الغازية أثناء تناول الطعام, أو إدمانه على المأكولات السكرية أو المأكولات الحارة(الحريفة), أو غير ذلك من العادات الغذائية التى يمكن بمجرد تغييرها التغلب على مشكلة ارتجاع المرىء.